لو تأمل هذا الوزير في الأعمال الإنجليزية؛ للام نفسه في الاحتجاج بشرف إنجلترا على خلو غرضها وإخلاصها فيما واثقته عليه.
إن لم يكن في خاتمة الشرط سر فلم اهتمت بها الوزارة الإنجليزية وألحت على تثبيتها؟! إن لم يكن لها غرض في استعمالها وقتها فلم أصدرت أوامرها بمد سكة الحديد من سواكن إلى بربر على نفقة الحكومة البريطانية؟!
إن كان لمسيو جول فري ثقة بمسيو جلادستون واعتماد على عفته وطهارة ذيله، فمن يضمن له بقاءه في رئاسة الوزارة إلى نهاية المدة حتى يوفي بعهده؟! فإذا استعفت وزارة جلادستون لعلة داخلية أو أزمة خارجية وخلفتها وزارة تحت رئاسة اللورد تشرشل أو اللورد سالسبوري، وهما من الطالبين الاستيلاء على مصر أو إعلان السيادة الإنجليزية عليها، فأي مانع يمنعهما من الاستفادة من هذه الخاتمة السيئة في مقصدهما المعروف؟!
المادة الثانية:
ألغيت المراقبة الثنائية وسيعوض عنها بتوسيع السلطة لقومسيون الدين العمومي، فيمنح حق الاطلاع على مصاريف الحكومة والاعتراض على ما يزيد منها عن المقرر في الميزانية، ويكون له ذلك ابتداء من سنة 1885، وميزانية تلك السنة تحصرها حكومة إنجلترا وتعرضها على المؤتمر الدولي ليقرر ما تحويه، على أن يكون قانونا للنفقات لا يخالف إلا لضرورة تخرق النظام.
وفيما بعد سنة 1885 يخول لصندوق الدين حق مساعدة الحكومة المصرية على تحضير ميزانيتها السنوية، بمعنى أنه تعرض عليه قبل تقريرها ليبدي فيها رأيه، إلا أن ما يكون له من الرأي في جميع الأحوال ليس إلا استشاريا محضا لا ينقض ولا يبرم، فإذا انجلت العساكر عن مصر يكون له حق المراقبة على تحصيل الإيرادات جميعا وضبطه على قواعد صحيحة وطرق منتظمة، وبهذا يحوز حقوق المراقبة الثنائية ما عدا الحضور في مجلس الوزراء، ورئيس القومسيون في جميع الأحوال يكون إنجليزيا.
إن كانت مراقبة قومسيون الدين على تحصيل الإيرادات لا تكون إلا بعد انجلاء الجيش الإنجليزي، أفلا يكون هذا أملا من الآمال ربما ينال وهو يكون فيه عوض حقيقي عن المراقبة، وهو من رسوم الخيال وبينه وبين الثبوت أمد غير قصير؟ إن رضيت الأمة الفرنسية بتنقيص فائدة الدين لهذا الأمل الموهوم فقد خسرت كما قالت جريدة «لا جوستيس» خسارة محققة لوعد لا كافل لها بوفائه.
المادة الثالثة:
إحماء مصر والمكافلة لها (ما يعبر عنه بالحياد) بأن تجعل حكومة في إفريقيا على أصول حكومة بلجيكا في أوروبا، وتحرير القناة، أي إباحته ممرا لجميع مراكب الدول من أي نوع كانت، فإن كانت الدولتان متحاربتين ضرب لبقائها فيه مدة لا يسوغ فيها إنزال عساكر أو ذخائر على حافتيه ولا تباح المناوشة فيه ولا على القرب منه ولا فوق شيء من المياه المصرية ، وإن كانت الدولة العثمانية إحدى المتحاربتين.
إلا أن شيئا من هذه القيود لا يحذر أخذ الاحتياط للدفاع عن مصر نفسها إذا دعت إليه أحوال وإذا ألحقت مراكب دولة من الدولة ضررا بالقناة ألزمت بتعويضه، وعلى حكومة مصر أن تهيئ ما يمكنها من تنفيذ الشروط على المراكب الحربية مدة الحرب، ولا يجوز أن يبنى على حافات القناة ولا على مقربة منه معاقل وحصون.
Halaman tidak diketahui