ومنهم من يقول: أن الآية الشريفة خرجت على ما يعتاده الناس ويتفاهمونه، فإن القائل إذا قال: أكل فلان ميتة لم يسبق الوهم إلى السمك والجراد، كما لو قال: دما لم يسبق إلى الكبد والطحال وهو قول جار الله العلامة رحمه الله، والصحيح عندي أنها منسوخة، والناسخ لها السنة وهو ما تقدم، والذي يؤكد ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: ((أحلت لكم ميتتان ودمان)) فصرح بلفظ التحليل، وهذا يفهم منه تصريحا أنه قصد أن الله أحل من ما حرمه هذا الذي عدده صلى الله عليه وآله.
قول جار الله رحمه الله: أنه إذا قال: أكل فلان ميتة لم يسبق إلى الوهم السمك والجراد.
قلت: هذا لأجل العرف في أن الميتة إذا أطلقت لم يسبق إليهم الذي ذكرهما جل العرف، فكذلك في الدم، لا سيما وقد ثبت أن الميتة التي لم تدرك ذكاتها بل ماتت حتف أنفها.
الآية العاشرة
قوله عز وجل: {ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} يا حرف نداء ولما لم يدخل على ما فيه لام التعريف إلا على اسم الله استحلت له أي وأتى بالهاء لتكون فاصلة بين أي والمنادي لئلا يشبه المضاف، وقول الشاعر:
فديتك يا التي ...... قلبي ... وأنت تحيله بالوصل عني
وقول الآخر:
فنا الغلامان اللذان فرا ... إياكما أن تكسباني شرا
فإن محققي البصريين قالوا: هو على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، فكأنه قال يا أيها الغلامان، وأما المتبهل الذي يقول في تبهله يا الله يا الله، فإنهم جعلوا اللام تنزل منزلة الجر من الكلمة بدليل قطع الهمزة، ولام المعرفة همزتها للوصل، قال الشاعر:
Halaman 106