184

Cumdat Talib

عمدة الطالب- ابن عنبة

Genre-genre

وحكى أبو اسحاق محمد بن ابراهيم بن هلال الضابي الكاتب قال: كنت عند الوزير أبي محمد المهدي ذات يوم فدخل الحاجب واستأذن للشريف المرتضى فاذن له، فلما دخل قام اليه وأكرمه وأجلسه معه في دسته وأقبل عليه يحدثه حتى فرغ من حكايته ومهماته، ثم قام فقام اليه وودعه وخرج، فلم تكن إلا ساعة حتى دخل الحاجب واستأذن للشريف الرضي وكان الوزير قد ابتدأ بكتابة رقعة فألقاها؛ وقام كالمندهش حتى استقبله من دهليز الدار وأخذ بيده وأعظمه وأجلسه في دسته ثم جلس بين يديه متواضعا وأقبل عليه بمجامعه، فلما خرج الرضي خرج معه وشيعه الى الباب ثم رجع، فلما خف المجلس قلت:

أيأذن الوزير أعزه الله تعالى أن أسأله عن شيء؟ قال: نعم، وكأني بك تسأل عن زيادتي في إعظام الرضي على أخيه المرتضى والمرتضى أسن وأعلم؟ فقلت: نعم أيد الله الوزير فقال اعلم إنا أمرنا بحفر النهر الفلاني وللشريف المرتضى على ذلك النهر ضيعة فتوجه عليه من ذلك ستة عشر درهما أو نحو ذلك فكاتبني بعدة رقاع يسأل في تخفيف ذلك المقدار عنه، وأما أخوه الرضي فبلغني ذات يوم أنه ولد له غلام فأرسلت اليه بطبق فيه ألف دينار فرده وقال: قد علم الوزير اني لا أقبل من أحد شيئا. فرددته اليه وقلت: إني إنما أرسلته للقوابل.

فرده الثانية وقال: قد علم الوزير أنه لا تقبل نساؤنا غريبة. فرددته اليه وقلت: يفرقه الشريف على ملازميه من طلاب العلم. فلما جاءه الطبق وحوله طلاب العلم قال: ها هم حضور فليأخذ كل أحد ما يريد فقام رجل وأخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وأمسكها ورد الدينار الى الطبق فسأله الشريف عن ذلك فقال: احتجت الى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فاقترضت من فلان البقال دهنا فأخذت هذه القطعة لأدفعها اليه عوض دهنه، وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في دار قد اتخذها لهم سماها «دار العلم» وعين لهم جميع ما يحتاجون اليه، فلما سمع الرضي ذلك أمر في الحال بأن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع الى كل منهم مفتاح ليأخذ ما يحتاج اليه ولا ينتظر خازنا يعطيه، ورد الطبق على هذه الصورة فكيف لا أعظم من هذا حاله.

وكان الرضي ينسب الى الإفراط في عقاب الجاني من أهله وله في ذلك حكايات، منها أن امرأة علوية شكت اليه زوجها وأنه يقامر بما يتحصل له من حرفة يعانيها وأن له أطفالا

Halaman 190