[٢٢] وَبِهِ ثنا الْمَحَامِلِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بن إسماعيل، ثنا مالك، عن ابن
_________
= وقال ابن الجوزي: سمعت بعض الحفاظ يقول: كانت أم سليم أخت آمنة بنت وهب أم رسول الله ﷺ من الرضاعة.
وحكى ابن العربي ما قال ابن وهب، ثم قال: وقال غيره: بل كان ﷺ معصومًا يملك أربه عن زوجته، فكيف عن غيرها مما هو المنزه عنه، وهو المبرأ عن كل فعل وقول رفث، فيكون ذلك من خصائصه. ثم قال: ويحتمل أن يكون ذلك قبل الحجاب، ورد بأن ذلك كان بعد الحجاب جزمًا، وقد قدمت في أول الكلام على شرحه أن ذلك كان بعد حجة الوداع، ورد عياض الأول بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، وثبوت العصمة مسلم؛ لكن الأصل عدم الخصوصية، وجواز الاقتداء به في أفعاله حتى يقوم على الخصوصية دليل.
وبالغ الدمياطي في الرد على مَن ادعى المحرمية فقال: ذهل كل مَن زعم أن أم حرام إحدى خالات النبي ﷺ من الرضاعة أو من النسب، وكل من أثبت لها خئولة تقتضي محرمية؛ لأن أمهاته من النسب واللاتي أرضعنه معلومات ليس فيهن أحد من الأنصار ألبتة، سوى أم عبد المطلب وهي سلمة بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وأم حرام هي بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر المذكور، فلا تجتمع أم حرام وسلمى إلا في عامر بن غنم جدهما الأعلى، وهذه خئولة لا تثبت بها محرمية؛ لأنها خئولة مجازية، وهي كقوله ﷺ لسعد بن أبي وقاص: "هذا خالي"؛ لكونه من بني زهرة وهم أقارب أمه آمنة، وليس سعد أخًا لآمنة لا من النسب ولا من الرضاعة. ثم قال: وإذا تقرر هذا فقد ثبت في الصحيح أنه ﷺ كان لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه، إلا على أم سليم، فقيل له فقال: "أرحمها قتل أخوها معي" يعني: حرام بن ملحان، وكان قد قتل يوم بئر معونة.
قلت: وقد تقدمت قصته في الجهاد في "باب فضل من جهز غازيًا"، وأوضحت هناك وجه الجمع بين ما أفهمه هذا الحصر وبين ما دل عليه حديث الباب في أم حرام بما حاصله أنهما أختان كانا في دار واحدة كل واحدة منهما في بيت من تلك الدار، وحرام بن ملحان أخوهما معًا، فالعلة مشتركة فيهما.
وإن ثبتت قصة أم عبد الله بن ملحان التي أشرت إليها قريبًا، فالقول فيها كالقوم في أم حرام، وقد انضاف إلى العلة المذكورة كون أنس خادم النبي ﷺ وقد جرت العادة بمخالطة المخدوم خادمه وأهل خادمه ورفع الحشمة التي تقع بين الأجانب عنهم. ثم قال الدمياطي: على أنه ليس في الحديث ما يدل على الخلوة بأم حرام، ولعل ذلك كان مع ولد أو خادم أو زوج أو تابع.
قلت: وهو احتمال قوي؛ لكنه لا يدفع الإشكال من أصله لبقاء الملامسة في تفلية الرأس، وكذا النوم من الحجر، وأحسن الأجوبة دعوى الخصوصية، ولا يردها كونها لا تثبت إلا بدليل؛ لأن الدليل على ذلك واضح. والله أعلم.
[٢٢] خ "١/ ٧٣" "٤" كتاب الوضوء - "٢٥" باب الاستنثار في الضوء - من طريق عبدان، عن عبد الله، عن يونس، عن الزهري به. رقم "١٦١".
م "١/ ٢١٢" "٢" كتاب الطهارة - "٨" باب الإيثار في الاستثنار والاستجمار - من طريق يحيى بن يحيى، عن مالك، عن ابن شهاب به. رقم "٢٢/ ٢٣٧".
هذا قد رواه ابن جماعة عن شهدة بسند هذا الكتاب، ثم قال: هذا الحديث متفق على صحته من حديث أبي إدريس الخولاني، واسمه عائذ الله بن عبد الله. وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى التيمي النيسابوري، عن مالك، وأخرجه النسائي من طرق؛ منها عن هارون بن عبد الله الحمال، عن معن بن عيسى القزاز، عن مالك فوقع لنا عاليا من حديث مالك "مشيخة قاضي القضاة ١/ ١٨٠، ١٨١".
وقد رواه الحافظ السلفي في كتابه الوجيز "ص٧٥" عن شيخ شهدة الحسين بن أحمد بن طلحة به.
ورواه الذهبي بالسند نفسه هذا "سير ٤/ ٢٧٦" وقال: هذا حديث صحيح عالٍ، أخرجاه في الصحيحين من طرق عن الزهري.
1 / 57