221

ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، وظل ذلك اليوم ولا يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه، فمر به علي فقال: "ما آن للرجل أن يعلم منزله؟ "، فأقامه فذهب به معه، ولا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان يوم الثالث فعل مثل ذلك، فأقامه علي معه، ثم قال له: "ألا تحدثني ما الذي أقدمك؟ "، قال: "إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت"، ففعل، فأخبره، فقال: "فإنه حق، وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فإذا أصبحت فاتبعني، فإن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي"، ففعل، فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ودخل معه، فسمع من قوله وأسلم مكانه، الحديث (¬1).

* وهناك رواية أخرى في حادثة إسلام أبي ذر، رواها عنه ابن أخيه عبد الله بن الصامت الغفاري، وقد رواها مسلم أيضا من طريق عبد الله بن الصامت الغفاري ابن أخي أبي ذر، وملخصها: قال: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار، وكانوا يحلون الشهر الحرام، فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة.

فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة فاكفني، فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث علي -أي أبطأ-، ثم جاء، فقلت: "ما صنعت؟ "، قال: "لقيت رجلا بمكة يزعم أن الله أرسله"، قلت: "فما يقول الناس؟ "، قال: "يقولون: شاعر كاهن ساحر"، -وكان أنيس أحد الشعراء- قال أنيس: "لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر -أي طرقه- فما يلتئم على لسان أحد أنه شعر، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون".

Halaman 224