Ulumā' Muslimin wa al-Wahhabiyyun
علماء المسلمين والوهابيون
العلماء رضي الله عنهم أمناء على الشريعة وقدموا الجرح أو التعديل عمل به مع قبول كل الرواة لما وصف به الآخر احتمالا وإنما قدم جمهورهم التعديل على الجرح وقالوا الأصل العدالة والجرح طارئ لئلا يذهب غالب أحاديث الشريعة كما قالوا أيضا إن إحسان الظن بجميع الرواة المستورين أولى وكما قالوا إن مجرد الكلام في شخص لا يسقط مرويه فلا بد من الفحص عن حاله وقد خرج الشيخان لخلق كثير ممن تكلم الناس فيهم إيثارا لإثبات الأدلة الشرعية على نفيها ليحوز الناس فضل العمل بها فكان في ذلك فضل كثير للأمة أفضل من تجريحهم كما أن في تضعيفهم للأحاديث أيضا رحمة للأمة بتخفيف الأمر بالعمل بها وإن لم يقصد الحفاظ ذلك فإنهم لو لم يضعفوا شيئا من الأحاديث وصححوها كلها لكان العمل بها واجبا وعجز عن ذلك غالب الناس فاعلم ذلك قال الحافظ المزني والحافظ الزيلعي رحمهما الله تعالى وممن خرج لهم الشيخان مع كلام الناس فيهم جعفر بن سليمان الضبعي والحارث بن عبيد وأيمن بن ثابل الحبشي وخالد بن مخلد القسواطيني وسويد بن سعيد الحدثاني ويونس ابن أبي إسحاق السبيعي وأبي أويس لكن للشيخين شروط في الرواية عمن تكلم الناس فيه منها أنهم لا يروون عنه إلا ما توبع عليه وظهرت شواهده وعلموا أن له أصلا فلا يروون عنه ما انفرد به أو خالفه فيه الثقات وذلك كحديث أبي أويس الذي رواه مسلم في صحيحه مرفوعا يقول الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين الحديث مع أنه لم يتفرد به بل رواه غيره من الثقات كذلك منهم الإمام مالك وشعبة وابن عيينة رضي الله عنهم وصار حديثه متابعة قال الحافظ الزيلعي والدمياطي وهذه العلة قد راجت على كثير من الحفاظ لا سيما من استدرك على الصحيحين كأبي عبد الله الحاكم فكثيرا ما يقول وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين أو أحدهما مع أن فيه هذه العلة إذ ليس كل حديث احتج برواية في الصحيح يكون صحيحا إذ لا يلزم من كون راويه محتجا به في الصحيح أن يكون كل حديث وجدناه له يكون صحيحا على شرط صاحب ذلك الصحيح لاحتمال فقد شرط من شروط ذلك الحافظ كما قدمناه فإن أحدا غير أصحاب ذلك الصحيح لم يلتزم هذه الشروط في الصحيح عنده انتهى فقد بان لك أنه ليس لنا ترك حديث كل من تكلم الناس فيه بمجرد الكلام فربما يكون قد توبع عليه وظهرت شواهده وكان له أصل وإنما لنا ترك ما انفرد به وخالف فيه الثقات ولم يظهر له شواهد ولو أننا فتحنا باب الترك لحديث كل راو تكلم بعض الناس فيه بمجرد الكلام لذهب معظم أحكام الشريعة كما مر وإذا أدى الأمر إلى مثل ذلك فالواجب على جميع اتباع المجتهدين إحسان الظن برواة جميع أدلة المذاهب المخالفة لمذاهبهم فإن جميع ما رووه لم يخرج عن مرتبتي الشريعة اللتين هما التخفيف والتشديد وقد قال الشيخ تاج الدين السبكي في الطبقات الكبرى ما نصه ينبغي لك أيها المسترشد أن تسلك سبيل الأدب مع جميع الأئمة الماضين وأن لا تنظر إلى كلام بعض الناس فيهم إلا ببرهان واضح ثم إن قدرت على التأويل وتحسين الظن بحسب قدرتك فافعل وإلا فاضرب صفحا عما ترى بينهم فإنك يا أخي لم تخلق لمثل هذا وإنما خلقت للاشتغال بما يعنيك من أمر دينك قال ولا يزال الطالب عندي نبيلا حتى يخوض فيما جرى بين الأئمة فتلحقه الكآبة وظلمة الوجه فإياك ثم إياك أن تصغي لما وقع بين أبي حنيفة
Halaman 67