Ulumā' Muslimin wa al-Wahhabiyyun
علماء المسلمين والوهابيون
جاز ترك الأفضل والمفضول أصالة فمن أراد عدم اللوم فلا ينزل إلى المفضول إلا أن عجز عن الأفضل فامتحن يا أخي بهذه الميزان جميع الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب والسنة وما انبنى وتفرع على ذلك من جميع أقوال الأئمة المجتهدين ومقلديهم إلى يوم الدين تجدها كلها لا تخرج عن مرتبتي تخفيف وتشديد ولكل منهما رجال كما سبق ومن تحقق بما ذكرنا ذوقا وكشفا كما ذقناه وكشف لنا وجد جميع أقوال الأئمة المجتهدين ومقلديهم داخلة في قواعد الشريعة المطهرة ومقتبسة من شعاع نورها لا يخرج منها قول واحد عن الشريعة وصحت مطابقة قوله باللسان إن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم لاعتقاد ذلك بالجنان وعلم جزما ويقينا إن كل مجتهد مصيب ورجع عن قوله المصيب واحد لا بعينه كما سيأتي إيضاحه في الفصول إن شاء الله تعالى وارتفع التناقض والخلاف عنده في أحكام الشريعة وأقوال علمائها لأن كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يجل عن التناقض وكذلك كلام الأئمة عند من عرف مقدارهم واطلع على منازع أقوالهم ومواضع استنباطاتها فما من حكم استنبطه المجتهد إلا وهو متفرع من الكتاب أو السنة أو منهما معا ولا يقدح في صحة ذلك الحكم الذي استنبطه المجتهد جهل بعض المقلدين بمواضع استنباطاته وكل من شهد في أحاديث الشريعة أو أقوال علمائها تناقضا لا يمكن رده فهو ضعيف النظر ولو أنه كان عالما بالأدلة التي استند إليها المجتهد ومنازع أقواله لحمل كل حديث أو قول ومقابله على حال من إحدى مرتبتي الشريعة فإن من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الناس على قدر عقولهم ومقامهم في حضرة الإسلام أو الإيمان أو الاحسان وتأمل يا أخي في قوله تعالى قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا الآية تحط علما بما قلناه وإلا فأين خطابه لأكابر الصحابة من خطابه لأجلاف العرب وأين مقام من بايعه صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والمعسر والميسر ممن طلب أن يبايعه صلى الله عليه وسلم على صلاة الصبح والعصر فقط دون غيرهما من الصلوات ودون الزكاة والحج والصيام والجهاد وغيرها وقد تبع الأئمة المجتهدون ومقلدوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك فما وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شدد فيه عادة شددوا فيه أمرا كان أو نهيا وما وجدوه خفف فيه خففوا فيه فاعتمد يا أخي على اعتقاد ما قررته وبينته لك في هذه الميزان ولا يضرك غرابتها فإنها من علوم أهل الله تعالى وهي أقرب إلى طريق الأدب مع الأئمة مما تعتقده أنت من ترجيح مذهب على مذهب بغير طريق شرعي وأين قول من يقول إن سائر أئمة المسلمين أو الأئمة الأربعة الآن على هدى من ربهم ظاهرا وباطنا ممن يقول ثلاثة أرباعهم أو أكثر على غير الحق في نفس الأمر * وإن أردت يا أخي أن تعلم نفاسة هذه الميزان وكمال علم ذائقها بالشريعة من آيات وأخبار وآثار وأقوال فأجمع لك أربعة من علماء المذاهب الأربعة واقرأ عليهم أدلة مذاهبهم وأقوال علمائهم وتعاليلهم التي سطروها في كتبهم وانظر كيف يتجادلون * ويضعف بعضهم أدلة بعض وأقوال بعض وتعلو أصواتهم على بعضهم بعضا حتى كان المخالف لقول كل واحد قد خرج عن الشريعة ولا يكاد أحدهم يعتقد ذلك الوقت إن سائر أئمة المسلمين على هدى من
Halaman 6