Ulumā' Muslimin wa al-Wahhabiyyun
علماء المسلمين والوهابيون
العلماء يوم القيامة وأخذوا بيده وتبسموا في وجهه وصار كل واحد يبادر إلى الشفاعة فيه ويزاحم غيره على ذلك ويقول ما يشفع فيه إلا أنا ويا ندامة من قصر في السلوك ولم يصل إلى شهود العين الأولى من الشريعة ويا ندامة من قال المصيب واحد والباقي مخطئ فإن جميع من خطأهم يعبسون في وجهه لتخطئته لهم وتجريحهم بالجهل وسوء الأدب وفهمه السقيم فاسع يا أخي إلى الاشتغال بالعلم على وجه الاخلاص والورع والعمل بكل ما علمت حتى تطوى لك الطريق بسرعة وتشرف على مقام المجتهدين وتقف على العين الأولى التي أشرف عليها إمامك وتشركه في الاغتراف منها فما كنت متبعا له حال سلوكك مع حجابك عن العين التي يستمد منها كذلك تكون متبعا له في الاغتراف من العين التي اغترف منها ثم إذا حصلت ذلك المقام فاستصحب شهود العين الأولى وما تفرع منها في سائر الأدوار تصر توجه جميع أقوال العلماء ولا ترد منها قولا واحدا إما لصحة دليل كل واحد منهم عندك من تخفيف أو تشديد وإما لشهودك صحة استنباطاتهم واتصالها بعين الشريعة وإن نزلت في آخر الأدوار فرجع الأمر في ذلك كله إلى مرتبتي الشريعة من تخفيف وتشديد ولكل منهما رجال وقد كان الإمام أحمد يقول كثرة التقليد عمى في البصيرة كأنه يحث العلماء على أن يأخذوا أحكام دينهم من عين الشريعة ولا يقنعوا بالتقليد من خلف حجاب أحد من المجتهدين فالحمد لله الذي جعلنا ممن يوجه كلام جميع علماء الشريعة ولا يرد من أقوالهم شيئا لشهودنا اتصال أقوالهم كلها بعين الشريعة ويؤيدنا حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم انتهى وهذا الحديث وإن كان فيه مقال عند المحدثين فهو صحيح عند أهل الكشف ومعلوم أن المجتهدين على مدرجة الصحابة سلكوا فلا تجد مجتهد إلا وسلسلته متصلة بصحابي قال بقوله أو بجماعة منهم فإن قلت فلأي شئ قدم العلماء كلام المجتهدين من غير الصحابة على كلام آحاد الصحابة مع أن المجتهدين من فروعهم فالجواب إنما قدم العلماء كلام المجتهد غير الصحابي على كلام الصحابي في بعض المسائل لأن المجتهد لتأخره في الزمان أحاط علما بجميع أقوال الصحابة أو غالبهم فرجع الأمر في ذلك إلى مرتبتي الميزان من تخفيف وتشديد لأن ما عليه جمهور الصحابة أو بعضهم لا يخرج عن ذلك * وسمعت شيخنا شيخ الإسلام زكريا رحمه الله تعالى يقول مرارا عين الشريعة كالبحر فمن أي الجوانب اغترفت منه فهو واحد وسمعته أيضا يقول إياكم أن تبادروا إلى الانكار على قول مجتهدا وتخطئته إلا بعد إحاطتكم بأدلة الشريعة كلها ومعرفتكم بجميع لغات العرب التي احتوت عليها الشريعة ومعرفتكم بمعانيها وطرقها فإذا أحطتم بها كما ذكرنا ولم تجدوا ذلك الأمر الذي أنكرتموه فيها فحينئذ لكم الانكار والخير لكم وأنى لكم بذلك فقد روى الطبراني مرفوعا أن شريعتي جاءت على ثلاثمائة وستين طريقة ما سلك أحد طريقة منها إلا نجا انتهى والحمد لله رب العالمين * (فصل) * إن أردت يا أخي الوصول إلى معرفة هذه الميزان ذوقا وتصير تقرر مذاهب المجتهدين ومقلديهم كما يقررها أصحابها فاسلك كما مر طريق القوم والرياضة على يد شيخ صادق
Halaman 33