Ulumā' Muslimin wa al-Wahhabiyyun
علماء المسلمين والوهابيون
في طريق الجمع بين قول العبد بلسانه إن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم وبين اعتقاده ذلك بقلبه فإن قدرت يا أخي على طريق أخرى تجمع بين القلب واللسان فاذكرها لنا لنرقمها في هذه الميزان ونجعلها طريقة أخرى ولعل الطاعن في صحة هذه الميزان التي ذكرناها إنما كان الحامل له على ذلك الحسد والتعصب فإنه لا يقدر يجعل الشريعة على أكثر من مرتبتين تخفيف وتشديد أبدا ومن شك في قولي هذا فليأت بما يناقضه وأنا أرجع إلى قوله فإني والله ناصح للأمة ما أنا متعنت ولا مظهر علما لحظ نفس فيما أعلم بقطع النظر عن إرشادي للإخوان إلى صحة الاعتقاد في كلام أئمتهم ولولا محبتي لإرشاد الإخوان إلى ما ذكر لأخفيت عنهم علم هذه الميزان الشريفة كما أخفيت عنهم من العلوم اللدنية ما لم نؤمر بإفشائه كما أشرنا إليه في كتابنا المسمى بالجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والعلوم فإننا ذكرنا فيه من علوم القرآن العظيم نحو ثلاثة آلاف علم لا مرقى لأحد من طلبة العلم الآن فيما نعلم إلى التسلق إلى معرفة علم واحد منها بفكر ولا إمعان نظر في كتب وإنما طريقها الكشف الصحيح فتخلع هذه العلوم على العارف حال تلاوته للقرآن لا يتخلف عن النطق به حتى كان عين ذلك العلم عين النطق بتلك الكلمة ومتى تخلف العلم عن النطق فليس هو من علوم أهل الله وإنما هو ينتجه فكر وعلوم الأفكار مدخولة عند أهل الله لا يعتمدون عليها لإمكان رجوع أهلها عنها بخلاف علوم أهل الكشف كما مر آنفا فاعلم ذلك * (فصل) * وإياك أن تسمع بهذه الميزان فتبادر إلى الانكار على صاحبها وتقول كيف يصح لفلان الجمع بين جميع المذاهب وجعلها كأنها مذهب واحد من غير أن تنظر فيها أو تجتمع بصاحبها فإن ذلك جهل منك وتهور في الدين بل اجتمع بصاحبها وناظره فإن قطعك بالحجة وجب عليك الرجوع إلى قوله ولو لم يسبقه أحد إلى مثله وإياك أن تقول إن واضع هذه الميزان جاهل بالشريعة فتقع في الكذب فإنه إذا كان مثله يسمى جاهلا مع قدرته على توجيه أحكام جميع أقوال المذاهب فما بقي على وجه الأرض الآن عالم وقد قال الإمام محمد بن مالك وإذا كانت العلوم منحا إلهية واختصاصات لدنية فلا بدع أن يدخر الله تعالى لبعض المتأخرين ما لم يطلع عليه أحد من المتقدمين انتهى فبالله عليك يا أخي ارجع إلى الحق وطابق في الاعتقاد بين اللسان والقلب ولا يصدنك عن ذلك كون أحد من العلماء السابقين لم يدون مثل هذه الميزان فإن جود الحق تعالى لم يزل فياضا على قلوب العلماء في كل عصر واخرج عن علومك الطبيعية الفهمية إلى العلوم الحقيقية الكشفية ولو لم يألفها طبعك فإن من علامة العلوم اللدنية أن تمجها العقول من حيث إنكارها ولا تقبلها إلا بالتسليم فقط لغرابة طريقها فإن طريق الكشف مباينة لطريق الفكر وسيأتي في الفصول الآتية إن شاء الله تعالى إن من علامة عدم صحة اعتقاد الطالب في أن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم كونه يحصل له في باطنه ضيق وحرج إذا قلد غير إمامه في واقعة ويقال له أين قولك إن غير إمامك على هدى من ربه وكيف يحصل في قلبك ضيق وحرج من الهدى فهناك تندحض دعواه وتظهر له عدم صحة عقيدته إن كان عاقلا والحمد لله رب العالمين
Halaman 14