Ulumā' Muslimin wa al-Wahhabiyyun
علماء المسلمين والوهابيون
في حقه عزيمة بل أقول إن من الواجب على كل مقلد من طريق الإنصاف أن لا يعمل برخصة قال بها إمام مذهبه إلا إن كان من أهلها وأنه يجب عليه العمل بالعزيمة التي قال بها غير إمامه حيث قدر عليها لأن الحكم راجع إلى كلام الشارع بالأصالة لا إلى كلام غيره لا سيما إن كان دليل الغير أقوى خلاف ما عليه بعض المقلدين حتى أنه قال لي لو وجدت حديثا في البخاري ومسلم لم يأخذ به إمامي لا أعمل به وذلك جهل منه بالشريعة وأول من يتبرأ منه إمامه وكان من الواجب عليه حمل إمامه على أنه لم يظفر بذلك الحديث أو لم يصح عنده كما سيأتي إيضاحه في الفصول إن شاء الله تعالى إذ لم أظفر بحديث مما اتفق عليه الشيخان قال بضعفه أحد ممن يعتد بتضعيفه أبدا وفي كلام القوم لا ينبغي لأحد العمل بالقول المرجوح إلا إن كان أحوط في الدين من القول الأرجح كالقول بنقض الطهارة عند الشافعية بلمس الصغيرة والشعر والظفر فإن هذا القول وإن كان عندهم ضعيفا فهو أحوط في الدين فكان الوضوء منه أولى انتهى * وصاحب الذوق لهذه الميزان يرى جميع مذاهب الأئمة المجتهدين وأقوال مقلديهم كأنها شريعة واحدة لشخص واحد لكنها ذات مرتبتين كل من عمل بمرتبة منهما بشرطها أصاب كما سيأتي إيضاحه في الفصول إن شاء الله تعالى وقد اطلعني الله تعالى من طريق الالهام على دليل لقول الإمام داود الظاهري رضي الله عنه بنقض الطهارة بلمس الصغيرة التي لا تشتهي وهو أن الله تعالى أطلق اسم النساء على الأطفال في قوله تعالى في قصة فرعون يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ومعلوم أن فرعون إنما كان يستحيي الأنثى عقب ولادتها فكما أطلق الحق تعالى اسم النساء على الأنثى في قصة الذبح فكذلك يكون الحكم في قوله تعالى أو لامستم النساء بالقياس على حد سواء وهو استنباط حسن لم أجده لغيري فإنه يجعل علة النقض الأنوثة من حيث هي بقطع النظر عن كونها تشتهي أو لا تشتهي فقس عليه يا أخي كلما لم تطلع له من كلام الأئمة على دليل صريح في الكتاب أو السنة وإياك أن ترد كلام أحد من الأئمة أو تضعفه بفهمك فإن فهمك إذا قرن بفهم أحد من الأئمة المجتهدين كان كالهباء والله أعلم * (فصل) * فإن قال قائل فهل يجب عندكم على المقلد العمل بالأرجح من القولين أو الوجهين في مذهبه ما دام لم يصل إلى معرفة هذه الميزان من طريق الذوق والكشف * فالجواب نعم يجب عليه ذلك ما دام لم يصل إلى مقام الذوق لهذه الميزان كما عليه عمل الناس في كل عصر بخلاف ما إذا وصل إلى مقام الذوق لهذه الميزان المذكورة ورأى جميع أقوال العلماء وبحور علومهم تتفجر من عين الشريعة الأولى تبتدئ منها وتنتهي إليها كما سيأتي بيانه في فصل الأمثلة المحسوسة لاتصال أقوال العلماء كلهم بعين الشريعة الكبرى في مشهد صاحب هذا المقام فإن من اطلع على ذلك من طريق كشفه رأى جميع المذاهب وأقوال علمائها متصلة بعين الشريعة وشارعة إليها كاتصال الكف بالأصابع والظل بالشاخص ومثل هذا لا يؤمر بالتعبد بمذهب معين لشهوده تساوي المذاهب في الأخذ من عين الشريعة وأنه ليس مذهب أولى بالشريعة من مذهب
Halaman 12