إسلامه وصحة إيمانه بحيث لا يدخُلها النقصُ أو النقض. قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ (٦) وفي الحديث عن عليٍّ ﵁، قال: أن رسول الله ﷺ قال: [طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمِ أَنْ يَعْرِفَ الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ وَالْحَرَامَ وَالْحُدُودَ وَالأحْكَامَ] (٧).
والرأيُ العامُّ عند العلماء أنهُ: (يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَعْرِفَ مَا يَحِلُّ لَهُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلاَبسِ وَالفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالأمْوَالِ فَجَمِيْعُ هَذَا لاَ يَسَعُ أحَدًا جَهْلُهُ وَفَرْضٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يأخُذُوا فِي تَعَلمِ ذَلِكَ حَتىَّ يبلُغُوا الْحُلُمَ وَهُمْ مُسْلِمُونَ أوْ حِيْنَ يُسْلِمُونَ بَعْدَ بُلُوغِ الحُلُمِ، وَيَجْبُرُ الإِمَامُ (الْخَلِيفَةُ) أزْوَاجَ النِّسَاءِ وَسَادَاتِ الاِمَاءِ عَلَى تَعْلِيْمِهِنَّ مَا ذَكَرْنَا، وَفْرْضٌ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ النَّاسَ بِذَلِكَ وَيُرَتِّبَ أَقْوَامًا لِتَعْلِيْمِ الْجُهَّالِ وَيَفْرِضَ لَهُمُ الرِّزْقَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَيَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ تَعْلِيْمُ الْجَاهِلِ لِيَتَمَيَّزَ لَهُ الْحَقُّ مِنَ البَاطِلِ) (٨).
وعلى هذا فإنَّ الاشتغالَ بطلب العلم من أفضل الطاعات لأن طلبَهُ يقعُ بين الفرض والمندوب، وقد تظاهرت الآياتُ والأخبار والآثار وتطابقت الدلائل الصريحة وتوافقت على فضيلة العلم والحث على تحصيله والاجتهاد في اقتباسه وتعليمه. قال تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٩) وقال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (١٠) وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
_________
(٦) النساء / ٦٥.
(٧) رواه الطبراني في المعجم الصغير: الحديث (٦١). والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: ج ١ ص ٤٣ - ٤٤ وله ألفاظ عديدة. قال النووى: (إنه ضعيف -سندًا- وإن كان صحيحًا - معنى)، وقال المزنى: (هذا الحديث روي من طرق تبلغ رتبة الحسن) ورمز السيوطى في الجامع الصغير قال: (حسن).
(٨) قالهُ الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه: ج ٢ ص ٤٦.
(٩) الزمر / ٩.
(١٠) طه / ١١٤.
1 / 9