٢ - نَبْذَةٌ عَنْ كِتَابِ (مِنْهَاجُ الطَّالِبِيْنَ):
تأسِّيًا بالرسول الكريم مُحَمَّدٍ ﷺ وامتثالًا لأمر الله في اتباعه وطاعته جهد أبناء
الأمة الإسلامية من العلماء النابهين والفقهاء الواعين إلى الأكثار من التصنيف في العلوم الشرعية، سيما علم الفقه، فبسطوا أو اختصروا، ترغيبًا للدارس وتسهيلًا لطالب العلم، وتقنينًا للمسائل، لما يخدم في تربية الشخصية الإسلامية وإعداد أبنائها لمركز القيادة في الحكم والقضاء والإدارة؛ وهى كثيرة مشهورة تغنى الفكر وتشبع الرغبة في طلب العلم وتقصد العمل طاعة لله واحتسابًا لليوم الآخر.
وكان من هذه المختصرات كتاب (الْمُحَرَّر) في الفقه الشافعى للإمام أبي القاسم الرافعى المتوفى سنة (٦٢٣) قال النووي عنه: (ذِى التَّحْقِيْقَاتِ، وَهُوَ كَثِيْرُ الْفَوَائِدِ؛ عُمْدَةٌ فِي تَحْقِيْقِ الْمَذْهَبِ؛ مُعْتَمَدٌ لِلْمُفْتِي وَغَيْرِهِ مِنْ أُوْلِى الرَّغَبَاتِ؛ وَقَدِ الْتَزَمَ مُصَنِّفُهُ ﵀ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مُعْظَمُ الأَصْحَابِ وَوَفِّى بِمَا الْتَزَمَهُ، وَهُوَ مِنْ أَهَمِّ أَوْ أَهَمُّ الْمَطْلُوبَاتِ).
أما عن سبب تصنيف الإمام النووى ﵀ للمنهاج، فقد قال: إنَّ (فِي حَجْمِهِ كِبَرٌ يَعْجَزُ عَنْ حِفْظِهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعَصْرِ إِلاَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ، فَرَأَيْتُ اخْتِصَارَهُ فِي نَحْوِ نِصْفِ حَجْمِهِ، لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ مَعَ مَا أضُمُّهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى مِنَ النَّفَائِسِ الْمُسْتَجِدَّاتِ).
وقال: (وَقَدْ شَرَعْتُ فِي جَمْعِ جُزْءٍ لَطِيْفٍ عَلَى صُورَةِ الشَّرْحِ لِدَقَائِقِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ) وكما سيأتي في مقدمة بيانه إن شاء الله تعالى. قُلْتُ: والحمد لله أن طبع هذا الجزء (دقائق المنهاج) بتحقيق وتعليق الأستاذ إياد أحمد الغَوج وطبعته دار ابن حزم والمكتبة العلمية.
أما الإمام النووى مصنف المنهاج، فهر أشهر من أن يُعَرَّفَ؛ ولكن هكذا جرت العادة في التقديم للدارسة وتحقيق المخطوط. فهو الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووى. ولد في المحرَّم سنة (٦٣١) من الهجرة (١٢٣٣) ميلادية
1 / 23