34

نقد الصحابة والتابعين للتفسير

نقد الصحابة والتابعين للتفسير

Genre-genre

ألوهية عيسى، ومن ذلك أنهم قالوا للنبي ﷺ: ألست تزعم أن عيسى كلمة الله وروحه؟، قال: بلى، قالوا: حسبنا (١). ووجه كون هذه الألفاظ من المتشابه أن لفظ كلمة الله: يراد به الكلام، ويراد به المخلوق بالكلام، ولفظ روح منه: يراد به ابتداء الغاية ويراد به التبعيض (٢)، ولم يردوا هذه الألفاظ إلى المحكم من القرآن الدال على أن عيسى ﵇ مخلوق وعبدٌ لله، كقول الله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (٣)، وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ (٤). ومما اتبعوه من المتشابه للاستدلال على أن الله تعالى ثالث ثلاثة ما يرد في القرآن من لفظ: "إنا" و"نحن"، الدال على الجمع، ووجه كون هذه الألفاظ من المتشابه «أنها تقال للواحد الذي له أعوان: إما أن يكونوا شركاء له، وإما أن يكونوا مماليك له، ولهذا صارت متشابهة، فإن الذي معه شركاء يقول: فعلنا نحن كذا، وإنا نفعل كذا، وهذا ممتنع في حق الله تعالى، والذي له مماليك ومطيعون يطيعونه، كالملك يقول: فعلنا كذا، أي: أنا فعلت بأهل ملكي، وكل ما سوى الله مخلوق له مملوك له، وهو سبحانه أحق من قال: إنا ونحن بهذا الاعتبار، فإن ما سواه ليس له

(١) جامع البيان (٥/ ٢٠٦)، وتفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٥٩٦). (٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٧/ ٣٨٩). (٣) سورة آل عمران آية (٥٩). (٤) سورة مريم آية (٣٠).

1 / 34