Kopernikus Darwin Freud
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Genre-genre
لا أؤمن بأي قانون ثابت للتطور (...). إن تنوع كل نوع مستقل تماما عن كل الأنواع الأخرى. وإمكانية أن يستفيد الانتقاء الطبيعي من هذا التنوع أم لا، وهل كانت الاختلافات تتراكم على نحو أكبر أو أقل (...)، تعتمد على العديد من الاحتمالات المعقدة ... (داروين 1859، 318؛ دينيت 1995، الفصل العاشر) (3)
وهكذا فإن الداروينيين ملتزمون ب «المادية»، التي تمثل مرة أخرى تراثا من الثورة العلمية، وقد أصبح هذا الالتزام واضحا على نحو خاص عندما طبق نموذج داروين التطوري على ظهور البشر على الأرض. وجد معاصرو داروين أنه من الصعب على نحو خاص قبول التحدر الأرضي المشترك للبشر. وقد اعتقد أن نظرية داروين للتغير مبنية على حقائق «وهمية»، والأسوأ من ذلك أنها اعتبرت هرطقة ضد المسيحية وخلود الروح. كان عمل داروين خطرا لأنه ألغى الحاجة إلى التصميم الخاص.
9
لماذا شعروا بالنفور عندما أصبحت المادية موضوعا بارزا بين فلاسفة التنوير؟ (لامتري 1747؛ هلفيتيوس 1758).
كان لامارك، أيضا، ماديا؛ ففي كتابه «فلسفة علم الحيوان» يقول:
جميع القدرات من دون استثناء بدنية بحتة؛ أي إن كل واحدة منها تظهر أساسا بسبب أنشطة التنظيم، من أبسط الغرائز إلى القدرات الفكرية.
وكما يعترف لامارك، تواجه المادية الاعتراض القائل بأن العلاقة بين المخ والعقل لا يمكن فهمها.
ما العقل؟ هو مجرد اختراع لغرض حل الصعوبات التي تنبع من عدم كفاية المعرفة بقوانين الطبيعة. المادية والأخلاقية لهما أصل مشترك؛ فالأفكار والفكر والخيال ما هي إلا ظواهر طبيعية. (لامارك 1809، الجزء الثاني، مقدمة؛ لانج 1873، الجزء الثالث)
ذهب الماديون الفرنسيون أبعد من ديكارت؛ ففي كتابه «الإنسان» (1664)، كان ديكارت قد درس الجسم البشري وكأنه آلة أرضية، ولكن بدا هذا تقليلا لتفوق العقل البشري. وكان حل ديكارت هو ثنائية الجوهر؛ إذ كان الجسم جوهرا ماديا ممتدا، بينما كان العقل جوهرا غير مادي، متصلا بجسم الإنسان من خلال الغدة الصنوبرية. يتدفق الدم في الأوردة، وعندما يصل إلى المخ، فإنه يتحول إلى أرواح حيوانية. والأرواح الحيوانية قادرة على تحريك الأطراف. يسكن العقل والجسم عالمين منفصلين، ويتصلان من خلال سوائل غامضة. لم يرض ورثة ديكارت الفلسفيون عن حله الثنائي. ينبغي أن تخضع الظواهر العقلية أيضا لتفسير ميكانيكي، وقد بذل الماديون الفرنسيون قصارى جهدهم لتفسير جميع العمليات العقلية كمظاهر للعمليات البدنية.
يتمثل التحدي الأكبر للمادية في تفسير ظاهرتي العقل والوعي. هل العقل والمخ متطابقان؟ هل العقل مجرد ظاهرة ثانوية؟ هل تظهر العمليات الذهنية من العمليات المخية؟ تعد هذه الأسئلة الفلسفية نتيجة مباشرة للالتزام بالمادية، التي أيدها معظم الداروينيين. بمجرد أن قبلوا آلية الانتقاء الطبيعي، التي وحدت العديد من الظواهر المتنوعة، فإنهم كرهوا إعادة استخدام حل ثنائي من أجل حل لغز العقل. يمكن أن يعزى ظهور الجسم البشري إلى آلية الانتقاء الطبيعي، وإذا استثني العقل من مجال التفسيرات التطورية، فسيعود التصميم والغائية للظهور. كان الداروينيون ملتزمين للغاية بالمادية لدرجة لا تسمح بترك ثغرة لثنائية العقل والجسم. ومن خلال تبني نظرية مادية للعقل، كانوا مضطرين للانتقال من علم الأحياء التطوري إلى فلسفة العقل. (5-2) من علم الأحياء إلى فلسفة العقل
Halaman tidak diketahui