Kopernikus Darwin Freud
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Genre-genre
كيف يمكنك تحديد العصور القديمة للبشرية في غياب تقنيات التأريخ الدقيقة؟ ستقوم باستدلالات. أعرب كاتب في مجلة نيتشر عن شكوك هائلة في أننا «لن نكتشف أبدا مهد جنسنا الصحيح.» ومع ذلك، يمكن لفن الاستنتاج أن يقطع بنا شوطا طويلا. كان جون إيفانز - رئيس قسم الأنثروبولوجيا بالجمعية العلمية البريطانية (1890) - واثقا من:
أنه من وقت لآخر ربما نكتشف أغراضا فنية بشرية، وفي ظل هذه الظروف والأحوال ربما نستنتج يقينا أنه في مرحلة معينة في تاريخ العالم وجد البشر (...). (نيتشر 42، 1890، 507؛ قارن رول 1870، الفصل الثاني والسادس)
شكل 2-4: رسم للهيكل العظمي للماموث (المصدر: رول 1870، 286).
ربما لم يكن ممكنا تحديد العمر الدقيق أو حتى التقريبي للهياكل العظمية في فترة ما قبل اكتشاف رذرفورد لقانون الاضمحلال الإشعاعي (1901)، لكن التقديرات النسبية يمكن على الأقل أن تقدم بعض استدلالات ذات احتمالية أكبر من غيرها؛ فقد عثر على حفريات بشرية بين حفريات الحيوانات المنقرضة مثل دب الكهف والماموث والرنة والحصان البري (شكل
2-4 )، كما عثر أيضا على أدوات وأسلحة مصنوعة من حجر الصوان. وهذا يشير إلى أن كائنات شبيهة بالبشر استوطنت مناطق أوروبا التي كانت سابقا موطنا لحيوانات انقرضت في الوقت الحالي، كما أشار أيضا إلى أن العصرين البرونزي والحديدي لم يكونا قد حلا بعد؛ ومن ثم لا بد أن الجماعات البشرية عاشت في أوروبا خلال العصر الحجري. هذا استنتاج مرجح على نحو أكبر من رأي كوفييه بأنه لا يمكن أن توجد أي حفريات بشرية. وهو مرجح على نحو أكبر؛ لأنه أكثر توافقا مع الحقائق. أقنعت عدة اكتشافات لبقايا بشرية العديد من علماء الحفريات أن البشر وجدوا في وقت أبكر بكثير مما كان يفترض حتى ذلك الوقت. استكشف فيليب تشارلز شميرلينج الكهوف الموجودة تحت الأرض بالقرب من مدينة لييج البلجيكية ووجد جماجم بشرية وعظام حيوانات منقرضة. كان شكل الجماجم البشرية مختلفا نوعا ما عن جمجمة الإنسان الحديث، لكن ظل هذا الدليل ينظر إليه على أنه غير مؤكد، ولكن في أربعينيات القرن التاسع عشر، اكتشف بوشيه دو بيرث أدوات حجرية بدائية قرب أميان في فرنسا بين بقايا حيوانات منقرضة. أثبت كوفييه وآخرون بالفعل على نحو مستقل أن هذه الحفريات الحيوانية تنتمي إلى ما يسمى فترة الطوفان أو العصر الجليدي. ويشار اليوم إلى هذه الفترة على أنها العصر البليستوسيني (انظر جدول
2-1 ). اكتشف هيكل عظمي بشري في وادي نياندر بالقرب من دوسلدورف (ألمانيا)، واشتهر باسم إنسان نياندرتال (1856). لم يعثر على بقايا حيوانات منقرضة، ولكن الطبقات الجيولوجية (الطين) كانت تنتمي إلى فترة «الطوفان». وكان أكثر ما أصاب علماء الحفريات المعاصرين بالدهشة حينها هو شكل الجمجمة (شكل
2-5 )؛ إذ بدا أنها تحمل مخا متخلفا نوعا ما يظهر تشابها قويا مع مخاخ القردة الشبيهة بالإنسان. (ولكن لاحظ أن إنسان نياندرتال لا يزال قيد التقييم حتى اليوم.) حدثت كل هذه الاكتشافات قبل نشر كتاب داروين. وحدث اكتشاف آخر مهم قرب نهاية القرن هو إنسان جاوة (1891 -1892) وكان يمثل «الإنسان المنتصب». كان إنسان جاوة مرشحا ليمثل الحلقة المفقودة. لم يكن لفكرة الحلقة المفقودة معنى قبل داروين؛ ففي المخططات القديمة كان البشر مخلوقين خلقا خاصا أو كانوا ذروة التطور التدريجي. أدرج داروين سلالة البشر في شجرة الحياة. أصبح البشر عرضة لتحدر السلالة مع التعديل، ولذلك أصبح من الضروري التحقق من وجود أشباه البشر الأوائل. كان الباحثون يعرفون سلسلة النسب البشرية قبل داروين على نحو أفضل مما كانوا يعرفون عن وجود الديناصورات.
شكل 2-5: جمجمة إنسان نياندرتال (المصدر: رول (1870)، 309). (3-2) بشر العصور القديمة
لا يمكن أن يكمن هدف الإنسانية في النهاية، ولكن يكمن فقط في أفضل نموذج لها. (نيتشه، «تأملات في غير أوانها» (1873-1874)، الجزء الثاني، مقتبسة في كوفمان (1974)، 149)
جدول 2-1: تطور أشباه البشر. *
Halaman tidak diketahui