168

الشورى في الشريعة الإسلامية

الشورى في الشريعة الإسلامية

Genre-genre

صفة أهل الشورى عند العلماء لقد حرص العلماء والمحققون من الفقهاء والمفسرين استنباطًا من كتاب الله وسنة رسوله على بيان صفة المستشار، جاء في مصنف أبي داود عن أبي هريرة أن الرسول ﵌ قال: (المستشار مؤتمن)، قال العلماء: وصفة المستشار إن كان في الأحكام أن يكون عالمًا دينًا وقل ما يكون ذلك إلا في عاقل. قال الحسن: ما كمل دين امرء ما لم يكمُل عقله فإذا استشير مَنْ هذه صفته واجتهد في الصلاح وبذل جهده فوقعت الإشارة خطأ فلا غرامة عليه. قال الخطأبي وغيره: أما صفة المستشار في أمور الدنيا عند القرطبي فهو كما يقول وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلًا مجربًا وادًا في المستشير. قال الشاعر: شاور صديقك في الخفي المشكل ... واقبل نصيحة ناصح متفضل وقال آخر: وإن باب أمر عليك التوى ... فشاور لبيبًا ولا تعصه وقال البخاري: كانت الأئمة بعد النبي ﵌ يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، وقال سفيان الثوري: ليكن أهل مشورتك أهل التقوى والأمانة، وقال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون وفيما أشكل عليهم من أمور الدين ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح ووجوه الكتَّاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها، وقال ابن عطية: الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب وهذا مما لا خلاف فيه. (١) وقال أبو حيان في معرض تفسيره لقوله تعالى: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْلهم) ليكمل لهم صفحه وصفح الله عنهم ويحصل لهم رضاه ﵌ ورضا الله تعالى، ولما زالت التبعات من الجانبين شاورهم إيذانًا بأنهم أهل للمحبة الصادقة والخلة الناصحة إذ لا يستشير الإنسان إلا من كان معتقدًا فيه المودة والعقل والتجربة. (٢)

(١) - انظر القرطبي في الجامع لأحكام القرآن - ج٤ - ص٢٤٩، ٢٥٠. بتصرف. (٢) - البحر المحيط ج٢ - ص٩٩.

1 / 198