الجيش بجيش العسرة لجدب الأرض وشدة الحر، حتى إن المنافقين أعلنوا نفاقهم وتخلفوا عن ركب الجيش، وأنفق المسلمون بسخاء على هذا الجيش، فجهز عثمان نصف الجيش لوحده، وتصدق أبو بكر بكل ماله، وتصدق عمر بنصف ماله، فخرج الرسول ﷺ إلى تبوك، وكان تعداد الجيش ثلاثين، وقيل أربعين وقيل سبعين ألف مقاتل. ولم يجد أثرًا للروم، فقد ارتاعوا وتقهقروا إلى داخل بلادهم مدافعين. وعسكر الرسول ﷺ بجيشه عند تبوك حيث أرهب الأعداء، ثم آتاه أهل آيلة وجربا وأذرح وأعطوه الجزية، وعاد للمدينة بعد بضع عشرة ليلة، وكانت آخر غزوة غزاها الرسول ﷺ بنفسه.
* * *
خبر المتخلفين (عن غزوة تبوك):-
في غزوة تبوك كانت قصة تخلف كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، وهم ممن شهدوا بدرًا. ولم يكن لهم عذر في التخلف، فقاطعهم الرسول ﷺ والمسلمون حتى أنزل الله فيهم ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ...﴾ ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة: ١١٧، ١١٨].
* * *
وفود العرب (عام الوفود):-
أنزل الله: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)﴾ [النصر: ١ - ٣].
بعد إسلام قريش وهي سيدة القبائل أسلمت كل قبائل الجزيرة، فأرسلت وفودها