مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

Muhammad ibn Ali ibn Adam al-Ithiubi d. 1442 AH
110

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

Penerbit

دار المغني

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Lokasi Penerbit

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genre-genre

القلوب، لا لحال الملّة، والمعنى: على قلوب هي مثل الأرض البيضاء ليلًا ونهارًا، ويحتمل أن يكون لفظ المثل مقحمًا، والمعنى: على قلوب بيضاء نقيّة عن الميل إلى الباطل، لا يُميلها عن الإقبال على الله تعالى السرّاء والضرّاء، فليُفهم. انتهى. قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لا يبعد أن يكون المراد الملّةَ، فيكون المعنى: لقد تركتكم على ملّة مثل الشمس في الظهور والوضوح، وعدم اللبس على أحد ممن يُبصر، أما الأعمى، فإنه لا ينتفع بظهورها؛ لخلل من جهته، لا من جهتها، لكن لا يضرّها عدم إبصاره لها، وإنما يتضرّر هو، كما قيل [من البسيط]: مَا ضَرَّ شَمْسَ الضُّحَى في الأُفْقِ طَالِعَةً ... أَنْ لاَ يَرَى نُورَهَا مَنْ لَيْسَ ذَا بَصَرِ فكذلك ملة الإسلام إنما ينتفع بها من فتح الله ﷾ قلبه، وهداه إليها، ولا ينقص قدرها بإعراض من كتب الله عليه الشقاء الأبديّ، وإنما ينقص هو نفسه. ولمّا كانت الشمس المشبه بها أنقص حالًا من المشبّه، حيث يتغيّر حالها بتغير الأوقات، فإنها تظهر نهارًا، ويتمّم سلطانها فيه، وتختفي ليلًا، فيذهب سلطانها فيه، بخلاف المشبه، وهي الملة، فإن تمام ظهورها، وإشراقها لا يتغيّر بتغير الأحوال والأزمان، بل هو على حدّ سواء دائمًا، بيّن ذلك، وأوضحه، فقال: (لَيْلُهَا وَنهَارُهَا سَوَاءٌ) أي كلّ أزمانها وأحوالها متساوية في الوضوح والظهور، لا يتغيّر، ولا يتحول، وإن تغير الزمان والمكان، بل يبقى على ما هو عليه حتى يرث الله ﷿ الأرض ومن عليها، ولهذا المعنى أتبعه المصنف رحمه الله تعالى بحديث: "لا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرّهم من خذلهم حتى تقوم الساعة"، اللهم اجعلنا من الطائفة المنصورة، آمين. (قَالَ أبو الدَّرْدَاءِ) ﵁ (صَدَقَ) فعل ماض، وفاعله "رسول الله"، وقوله: (وَاللهَ) قسم اعتُرض به بين الفعل والفاعل للتأكيد (رَسُولُ الله ﷺ، ترَكَنَا وَالله عَلَى مِثْلِ الْبيضَاءِ) أي على ملّة واضحة الإشراق، كوضوح إشراقَ الشمس (لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ) أي متساوية، لا تختلف بأي حال من الأحوال في الاهتداء بها، والوصول إلى الغرض المطلوب، وهو الظفر بسعادة الدارين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه

1 / 110