نصرخ بذلك صراخًا (١) ولا يسمع صوت الملبي من حجر ولا مدر ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة فيقول: أشهد أن هذا حج ملبيًا. ومع الأسف أن كثيرًا من الحجاج لا يرفعون أصواتهم بالتلبية إلا نادرًا فإن قال قائل: أليس النبي ﷺ قال لأصحابه وقد كبروا في سفر معه «أيها الناس اربعوا على أنفسكم - أي: هونوا عليها - فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» (٢) .
قلنا: لكن التلبية لها شأن خاص لأنها من شعائر الحج فيصوت بها. أو يقال إن أمر النبي ﷺ أن يهونوا على أنفسهم لأنهم كانوا يرفعون رفعًا شديدًا يشق عليهم. وأما المرأة فتسر بها، لأن المرأة مأمورة بخفض الصوت في مجامع الرجال، فلا ترفع صوتها بذلك، كما أنها مأمورة إذا نابها شيء في الصلاة مع الرجال أن تصفق، لئلا يظهر صوتها، فصوت المرأة - وإن لم يكن عورة - يخشى منه الفتنة، ولهذا
(١) أخرجه مسلم في الحج / باب التقصير في العمرة (١٢٤٨) عن جابر وأبي سعيد الخدري ﵄ ولفظه: (قالا: قدمنا مع النبي ﷺ ونحن نصرخ بالحج صراخًا) .
(٢) أخرجه البخاري في الجهاد / باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير وأخرجه مسلم في الذكر والدعاء / باب استحباب خفض الصوت بالذكر (٢٧٠٤) عن أبي موسى ﵁ واللفظ لمسلم.