Clarification of Judgments from Attainment of the Objective
توضيح الأحكام من بلوغ المرام
Penerbit
مكتَبة الأسدي
Nombor Edisi
الخامِسَة
Tahun Penerbitan
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م
Lokasi Penerbit
مكّة المكرّمة
Genre-genre
توضِيحُ الأحكَامِ مِن بُلوُغ المَرَام
تَأليف
رَاجي عَفو رَبّه
عَبْد الله بن عَبْد الرحمن البَسَّام
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
طبعَة مصحَّحَة ومحقّقة وَفيهَا زيَادَات هَامَّة
الجزء الأوّل
مكتَبة الأسدي
مكّة المكرّمة
1 / 1
جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعَة الخامِسَة
مُصَحَّحَة وَمحَقّقَة وَفيهَا زيَادَات هامَّة
١٤٢٣هـ - ٢٠٠٣م
مكتبة الأسدي
مكة المكرمة - العزيزية - مدخل جامعة أم القرى
هاتف: ٥٥٧٠٥٠٦ - فاكس ٥٥٧٥٢٤١
ص. ب: ٢٠٨٣
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدِّمة الطبعة الخامسة
الحمد لله المبدئ المعيد، شرع أحكامه وفق مصالح العبيد، والصلاة والسلام على صاحب القول السديد، الذي بلَّغ شرع ربه بالموجَز المفيد، وعلى آله وصحبه الذين حملوا الشريعة فأدَّوها بأمانة وتسديد.
أما بعد:
فأحمد الله تعالى وأشكره على ما يسَّر وسهَّل من وضع هذا الشرح الشامل المفيد، الذي جمع من العلومِ الطارفَ والتليد، بأسلوب مبسوط ميسَّر، وترتيب مفصَّل، ليستفيد منه كل قارىء، فلا يرتفع ويصعب على المبتدىء، ولا ينزل في مستواه عن المنتهي، لذا صار له القبول -ولله الحمد- عند طبقات القرَّاء، فتناولوه بتلهُّف من حين صدوره حتى نفدت نسخ طبعاته الأولى في مدة وجيزة جدًّا.
وراح الطلب والسؤال عنها بعد ذلك بإلحاح، مما شجَّعنا على إعادة طبعه، وإسعاف طالبيه، ولكن بصورة أفضل من الأولى، وبتحقيق أوفى وأكمل، أرجو من الله تعالى أن أكون في هذه الطبعة قد سددت وقاربت أكثر من سابقتها.
ولابد للإنسان أن يعرض له في فترات لاحقة، ما يقوِّم به فرطات ندَّت منه في أيام سابقة، ما دامت له يد تصل إلى كتاب، أو فكر يهديه إلى صواب.
وقد كتب القاضي الفاضل، شيخ صناعة الكتابة في عصره: عبد الرحيم ابن علي البيساني المتوفي سنة (٥٩٦) ﵀ إلى نائبه في وزارة الكتابة، الأديب الشهير العماد الأصفهاني المتوفي سنة (٥٩٧)، كتب إليه يقول:
"إني رأيت أنَّه لا يكتب إنسانٌ كتابًا في يوم إلَّا قال في غده: لو غُيِّر هذا
1 / 3
لكان أحسن، ولو زِيد كذا لكان يستحسن، ولو قُدِّم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العِبَر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر".
وقد كان مني في هذه الطبعة كما قال القاضي الفاضل، فاستدركت:
أولًا: ما فاتنا من أخطاء مطبعية وقعت في الطبعات الأولى.
ثانيًا: زدت فيها زيادات كثيرة هامة، وفوائد فقهية غالية، ميَّزت هذه الطبعة عن سابقتها تمييزًا بيِّنًا.
ثالثًا: زدت في تخريج أكثر الأحاديث، مع تحقيقٍ أكثَرَ في بيان درجة الحديث.
رابعًا: زدت كثيرًا في شرح المفردات من الناحية اللغوية والصرفية والنحوية والعلمية، وتحديدٍ أكثرَ للمواضع.
خامسًا: وصلتني قرارات المجمَّع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي بجدَّة، وقرارات هيئة كبار العلماء، وقرارات المجمَّع الفقهي التابع لرابطة العالم الإِسلامي، حتى هذا العام (١٤٢١ هـ)، منذ تأسيسه، فألحقت كل قرار بالمكان الذي يناسبه من أبواب ومسائل الكتاب.
وهي قرارات هامة جدًّا بحثها نخبة مختارة من علماء المسلمين في القضايا المعاصرة، والقضايا المتقدِّمة التي تحتاج إلى فحص وتمحيص، حيث خرج منها المجمَّع برأي واحد فيها.
سادسًا: أجريت بعض التغيير والتقديم والتأخير لعبارات وفقرات في الكتاب مما زاده حسنًا وفضلًا.
سابعًا: وضعت المتن وهو "أحاديث بلوغ المرام" بأعلى الصحائف، مكتوبة بحرف متميز بلونه وحجمه وضبطه.
وبالجملة: فإنَّ القارىء الكريم سيرى -إن شاء الله تعالى- فرقًا كبيرًا
1 / 4
واضحًا بين هذه الطبعة الخامسة، وسابقتها، عسى بذلك أن تكون ملائمة لمقام هذا الكتاب الذي هو شرح لكتاب عظيم ألا وهو كتاب "بلوغ المرام".
ونسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم، وأن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلَّم على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه المؤلف
عبد الله بن عبد الرحمن البسام
شهر شعبان ١٤٢١ هـ
في منزله في عوالي مكة
شرَّفها الله تعالى وحماها من كل سوء
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الإلمام في أصول الأحكام
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنَّ من تصدَّى لاستنباط الأحكام الشرعية من مصدرها الأول "الكتاب والسنة"، أو كان يتلقى تلك الأحكام ممن يأخذها من هذا المصدر، ويمعن نظره فيها، ويختار منها ما رأى أنَّه أقرب إلى الصواب، فإنَّ عليه أن يكون ذا إلمام بالأصول الأربعة:
١ - مصطلح الحديث.
٢ - أصول الفقه.
٣ - القواعد الفقهية.
٤ - المقاصد الشرعية.
فيعرف بالأصل الأول: الحديث الذي يصلح الاعتماد عليه والاحتجاج به. ويفهم بالأصل الثاني: أدلة الأحكام الفرعية المتعلقة بأفعال المكلفين.
ويجمع بالأصل الثالث: شتات المسائل بهذه القواعد التي تضبط أفرادها، وتربط فرائدها عن التشتت والانتشار.
ويعرف بالأصل الرابع: أسرار الشريعة ومقاصدها، وما تتوخَّاه من جلب المصالح ودرء المفاسد.
لذا فإني جعلت بين يدي شرحي على بلوغ المرام هذه المقدمات الأربع، لتكون أمام قارىء هذا الشرح، فتريه كيف أخذت الأحكام من أصولها، واستنبطت المسائل من مصدرها؛ فيدرك طرق الاستنباط وسبل السير
1 / 6
إلى الاجتهاد؛ فإنَّ إدراكه ذلك يزيده طمأنينة إلى صحة الحكم ويدربه على الإقدام إلى أخذ المسائل من أصولها، ولتكون هذه المقدمات بداية الطريق في سلوك باب الترجيح بين المسائل المتعارضة، والاجتهاد في إصابة الحق في الأحكام المختلفة.
والله المسؤول أن ينفع بها من جمَعَها ومن قرأها، وأن يجعل العمل فيها والاستفادة منها خالصَيْنِ لوجه الله الكريم، ومقرِّبَيْنِ لديه في جنات النعيم.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤلف
٢٥/ ٣/ ١٤١٠ هـ
1 / 7
الأصل الأول
في
مصطلح الحديث
1 / 9
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمَّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة، ومقدِّمة مفيدة، في أصول الحديث، أضعها أمام قارىء شرحي على بلوغ المرام، جامعة لما تَمَسُّ الحاجة إليه من مصطلح علم الحديث، توخَّيْتُ فيها تسهيلَ مبادىء هذا الأصل، فقرَّبته من طالب العلم، ليقطف أزهاره، ويجنى بواكير ثماره، بيسر وسهولة، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم.
مصطلح علم الحديث:
تعريفه: هو علم يُعْرَفُ به حالُ الراوي والمرويِّ من حيثُ القَبُولُ والرد.
فائدته: معرفة ما يُقْبَلُ وما يُرَدُّ من الأحاديث بتمييز الصحيح من السقيم.
استمداده: تُسْتَمَدُّ مادة هذا العلم من أحوالِ متن الحديث، وأحوالِ رواته وروايتهم، وتتبُّعِ تلك الأحوال.
تعريفات:
الحديث، والخبر: مترادفان، فهما ما نسب إلى النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير.
الإسناد، والسند: مترادفان، فهما سلسلة الرجال الموصلة إلى المتن.
المتن: ما ينتهي إليه السند من الكلام.
تقسيم الحديث باعتبار طرقه:
الحديث قسمان: متواتر وآحاد:
المتواتر: ما وصَلَ بطرق ليس لها عددٌ معيَّن، فهو ما رواه عدَدٌ كثيرٌ تحيل
1 / 11
العادةُ تواطؤهم على الكذب.
والآحاد: هو الحديث الذي وصل إلينا بطرق محصورة معيَّنة، فإذا ثبتت، أفادت العلم.
أقسام الآحاد:
غريب: ما انفرد بروايته راوٍ واحدٌ، ولو في طبقة واحدة من طبقات السند.
عزيز: أن لا يقل رواته في جميع طبقات السند عن اثنين.
مشهور ومستفيض: مترادفان؛ فهما ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة ما لم يبلغ حد التواتر.
تقسيم الحديث من حيثُ القبولُ:
ينقسم إلى أربعة أقسام:
١ - الصحيحُ لذاته: هو ما اتَّصل سنده بنقل عدلٍ تامِّ الضبط عن مثله حتى نهاية السند، وأن يخلو من الشذوذ والعلة.
٢ - الصحيحُ لغيره: هو ما اجتمع فيه شروطُ الحسن لذاته، فرواته أقلُّ ضبطًا، وينجبر ذلك بتعدد الطرق.
٣ - الحَسَنُ لذاته: هو ما اجتمع فيه شروط الصحيح لذاته لكن يكون راويه خفيف الضبط، ولا يوجد ما يجبر ذلك القصور.
٤ - الحسنُ لغيره: هو الحديث الضعيف الذي انجبر ضعفُهُ بتعدُّد الطرق حتى ترجَّح جانب قبوله.
أنواع الأحاديث المردودة:
يقابلُ الأحاديثَ المقبولة الأحاديثُ المردودة، وهي ما قَصُرَتْ عن رتبة الحسن بفقد شرطٍ فأكثَرَ من شروطه، ويتفاوت هذا الضعف من حيثُ شدتُهُ وخفته، والحديث الضعيف أقسامٌ كثيرة؛ نذكر المشهور منها:
1 / 12
ضعف الحديث من حيثُ فَقْدُ العدالة والضبط:
من أقسامه:
المختَلِطُ: هو الراوي الذي طرَأَ عليه سوءُ الحفظ بكبر سنه أو ذهاب بصره أو لفقد كتبه، فما حدث قبل الاختلاط قُبِلَ، وما لم يتميَّزْ يتوقَّف فيه.
المنكَرُ: ما رواه الضعيف مخالفًا للثقة، ويسمَّى مقابله "المعروف".
المبهَمُ: هو أن يكون الراوي مجهولًا.
المتروكُ: هو ما رواه راوٍ معروفٌ بالكذب في كلام الناس.
الموضوعُ: هو ما رواه راوٍ عُرِفَ بتعمُّده الكذب على رسول الله ﷺ.
ضعفُ الحديث من حيث فَقْدُ الاتصال:
المقطوعُ: هو ما أضيف إلى التابعي أو إلى من دونه من قول أو فعل، متصلًا كان أو منقطعًا.
المنقطعُ: هو ما سقَطَ من رواته راوٍ واحدٌ فأكثرُ من غير توال قبل الصحابي.
المعضَلُ: هو ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي في أي مكان في السند.
المعلَّقُ: هو ما حُذِفَ من مبدأ إسناده راو فأكثر.
المرسَلُ: هو ما رواه التابعي عن النبي ﷺ.
المدلَّسُ: وهو قسمان: الأوّل: تدليس الإسناد، بأن يُوهِمَ بأنَّه سمع من شيخه وهو لم يسمع منه، ويروي ذلك بصيغة محتملة.
الثاني: تدليس الشيوخ، بأن يروي عن شيخ فيسمِّيه بما لا يُعْرَفُ به حتى لا يُعْرَف.
ضعفُ الحديث من حيثُ وجود الشذوذِ أو العلة:
الشاذُّ: هو ما رواه المقبول مخالفًا من هو أوثَقُ منه، والذي يقابله يسمَّى "المحفوظ".
1 / 13
المعلَّلُ: هو ما يكون فيه علَّةٌ خفيَّةٌ قادحة في صحته، مع أنَّ ظاهره السلامة، وسبب العلَّة وهمُ راويه.
والطريق إلى معرفة حال الحديث وكشف العلة: هو جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته وضبطهم.
والعلة قد تكون في المتن، وقد، تكون في السند وهو أكثر.
المضطَرِبُ: هو الذي يُروى على أشكال متعارضة، ولا يمكن التوفيق بينها، وتكون متساوية في القوة.
والاضطراب قد يكون في المتن، وقد يكون في السند وهو أكثر.
أقسامُ الحديث باعتبار من أُضِيفَ إليه:
المرفوع: هو ما أضيف إلى النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير، سواء كان متصلًا أو منقطعًا.
الموقوف: هو ما أضيف إلى الصحابي، سواء كان متصلًا أو منقطعًا.
المقطوع: هو ما أضيف إلى التابعي أو من دونه من قول أو فعل، متَّصلًا كان أو منقطعًا.
المسند: ما اتَّصل سنده إلى النبي ﷺ.
فائدة:
المقطوع هو غير المنقطع؛ لأنَّ المقطوع من صفات المتن، والمنقطع من صفات السند.
من أنواع الكتب في علم الحديث:
الجامع: هو كتاب جمَعَ فيه مؤلِّفه أقسامَ الحديث في العقائدِ والأحكامِ، والآدابِ والتفسير، والسير والمناقب، وغير ذلك، مثل صحيح البخاري.
المسند: ما جمع فيه مؤلِّفه الأحاديثَ على ترتيب الصحابة، فكل أحاديث صحابيٍّ جُمِعَتْ وحدها، بقطع النظر عن مواضيعها، وأشهر المسانيد
1 / 14
مسند الإمام أحمد.
السنن: هو كتاب جُمِعَتْ فيه الأحاديثُ على ترتيب أبواب الفقه؛ مثل سنن أبي داود.
المعجم: كتاب جُمعت فيه الأحاديث على ترتيب الشيوخ، إما على حسب حروف الهجاء، وإما على حسب وفاة الشيخ، أو غير ذلك؛ مثل: المعاجم الثلاثة للطبراني.
المستدرك: كتاب جُمع فيه ما فات صاحب كتاب آخر، ويكون على شرطه؛ مثل مستدرك الحاكم على الصحيحين.
المستخرج: كتاب يعمد صاحبه إلى أحد كتب الصحاح، فيورد أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق المؤلِّف؛ كمستخرج الإسماعيلي على صحيح البخاري.
العلل: كتاب جمع فيه الأحاديث المعلولة مع بيان عللها؛ مثل كتاب العلل للدارقطني، والعلل للترمذي.
الجزء: هو كتاب جمع فيه أحاديث رجل واحد، أو مسألة واحدة؛ مثل جزء "القراءة خلف الإمام" للبخاري.
الأربعون: كتاب جمع أربعين حديثًا من باب واحد، أو من أبواب شتَّى، وأشهرها الأربعون للنووي.
من أخرج لهم المؤلِّف في بلوغ المرام:
١ - الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمَّد بن حنبل الشيباني البغدادي، أحد الأئمة الأربعة، توفي عام (٢٤١ هـ).
٢ - الإمام أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري الجُعْفِيّ مولاهم صاحب الصحيح، توفي (٢٥٦ هـ).
٣ - الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري منسوب إلى إحدى
1 / 15
مدن خراسان صاحب الصحيح، توفي (٢٦١ هـ).
٤ - الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث الأزدي السجستانى (مدينة بخراسان) صاحب السنن، توفي (٢٧٥ هـ).
٥ - الإمام أبو عيسى محمَّد بن عيسى الترمذي، نسبة إلى ترمذ بخراسان، بقرب نهر جيحون، توفي (٢٧٩ هـ).
٦ - الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، نسبة إلى مدينة نسأ بخراسان، صاحب السنن، توفي (٣٠٣ هـ).
٧ - الإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد القزويني، نسبة إلى قزوين مدينة بعراق العجم، واشتهر بـ"ابن ماجه"، توفي (٢٧٣ هـ).
٨ - الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي، نسبة إلى ذي أَصْبَحَ أحدِ ملوك اليمن، أحدُ الأئمة الأربعة، وعالمُ المدينة، توفي (١٧٩ هـ).
٩ - الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي القرشي المُطَّلبي عالم قريش، أحد الأئمة الأربعة، توفي (٢٠٤ هـ).
١٠ - الإمام أبو بكر عبد الله بن محمَّد بن أبي شيبة الكوفى العبسى بالولاء، صاحب المصنف، توفي (٢٣٥ هـ).
١١ - الإمام أبو عبد الله محمَّد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري إمام الأئمة، توفي سنة (٣١١ هـ).
١٢ - الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي نسبة إلى بيهق بلدة بقرب نيسابور، شيخ خراسان، صاحب مؤلَّفات كثيرة مفيدة، توفي (٤٥٨ هـ).
١٣ - الإمام أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله النيسابوري اشتهر بلقب الحاكم، ألف المستدرك على الصحيحين، توفي (٤٠٥ هـ).
١٤ - الإمام أبو حاتم محمَّد بن حِبَّان البُسْتِيّ نسبة إلى بست مدينة من أعمال كابل، كان من أوعية العلم، توفي (٣٥٤ هـ).
1 / 16
١٥ - الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، نسبة إلى "دار قطن" حي في بغداد، إمام حافظ له السنن، توفي (٣٨٥ هـ).
١٦ - الإمام أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، نسبة إلى طبرية بالشام صاحب المعاجم الثلاثة، توفي سنة (٣٦٠ هـ).
١٧ - الإمام أبو علي سعيد بن عثمان بن السَّكن البغدادي، من حفاظ الحديث، له "المنتقى الصحيح" في الحديث، توفي (٣٥٤ هـ).
١٨ - الإمام أبو الحسن علي بن محمَّد بن القطان، قرطبي الأصل، من حفاظ الحديث، له عدة مصنفات، توفي (٦٢٨ هـ).
١٩ - الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن علي البصري صاحب المسندين الصغير والكبير، توفي (٢٩٢ هـ).
٢٠ - الحافظ أبو محمَّد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري صاحب "المنتقى من السنن المسندة" توفي (٣٠٧ هـ).
هؤلاء هم الأئمة الذين انتقى الحافظ ابن حجر أحاديث كتابه "بلوغ المرام" من أسفارهم، عرَّفنا بهم القارئ بهذا التعريف الموجز، لتكون المعرفة الأولى لمن لم يعرفهم قبل هذا.
الذي اطَّلَعْتُ عليه من شروح بلوغ المرام:
١ - البدر التمام؛ للشيخ الحسين بن محمد المغربي الصنعاني، ولا يزال مخطوطًا، رأيته عند إبراهيم النوري، وعندي صورة منه.
٢ - سبل السلام؛ للشيخ محمَّد بن إسماعيل الصنعاني، اختصره من البدر التمام، وقد طُبعَ عدة طبعات، وهو الشرح المتداوَلُ لبلوغ المرام.
٣ - فتح العلَّام؛ للشيخ محمَّد صِدِّيق بن حسن خان، مختصر من سبل السلام، وقد طُبِعَ، وكانت نسخه قليلة، ولكنه صوِّر فانتشر.
٤ - شرح السيد محمد بن يوسف الأهدل، قال السيد أمين كتبي: إنه رآه في
1 / 17
مكتبة الشيخ عمر حمدان.
٥ - شرح الشيخ أحمد الدهلوي، انتخبه من فتح الباري وعدة مصادر أُخر.
٦ - شرح الشيخ محمَّد عابد الأنصاري الحنفي نزيل المدينة المنوَّرة، جاء ذكره في ذيل كشف الظنون.
٧ - شرح الشيخ محمَّد علي أحمدين المدرِّس المنتدَب من مصر للتدريس في المعهد السعودي بمكة المكرمة، ولا يزال مخطوطًا.
٨ - نيل المرام، شَرْحٌ مَدرسيٌّ قام به السيد علوي مالكي، والأستاذ إبراهيم سليمان النوري.
٩ - بشير الكرام، حاشية نفيسة للسيد محمد أمين كتبي.
١٠ - منظومة بلوغ المرام؛ للشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني، نظم فيه جل ما حواه بلوغ المرام من الأحاديث -مطبوع.
١١ - الإلمام، بتخريج أحاديث منظومة بلوغ المرام؛ للسيد محمد بن يحيى زبارة الصنعاني، مطبوع مع نظم الصنعاني.
هذه الشروح والحواشي التي وصل إليها علمي عن بلوغ المرام، وهي تنبيء عن اهتمامِ علماء المسلمين بهذا الكتابِ القيِّمِ المبارك.
1 / 18
ترجمة المؤلِّف
الإمام العلاَّمة الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني -وَعَسْقَلَان بفتح العين، وسكون السين، وتخفيف اللام، مدينة من أعمال فِلَسْطِينَ قرب غزة- المصري الشافعي، ولد في مصر في اليوم الثاني عشر من شعبان عام ثلاثة وسبعين وسبعمائة، ونشأ بها، فتوفيت أمه في طفولته، ثم توفي أبوه في صباه.
دراسته ومشايخه:
دخل الكُتَّاب بعد أن أكمل خمس سنين، فأكمل حفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، وحفظ كثيرًا من متون العلم في صباه، ومنها: العمدة، والحاوي الصغير، ومختصر ابن الحاجب، ومُلْحة الإعراب.
وأخذ العلم عن عددٍ كبيرٍ من الأعلام، من أشهرهم:
١ - السراج البُلقيني: تفقه عليه.
٢ - السراج ابن الملقِّن: وقد اختصَّ به ولازمه.
٣ - عبد الرحيم بن رزين: سمع عليه صحيح البخاري.
٤ - الحافظ العراقي: لازمه نحو عشر سنين، وأخذ عنه جميع مسموعاته.
٥ - الجمال بن ظهيرة: أخذ عنه في مكة المكرمة.
٦ - العز بن جماعة: أخذ عنه، وأكثر من الأخذ عنه.
٧ - الهمام الخوارزمي.
٨ - الفيروزآبادي صاحب القاموس: أخذ عنه في علوم العربية.
٩ - أحمد بن عبد الرحمن المعروف بـ"ابن هشام": كسلفه، أخذ عنه علوم العربية.
١٠ - البرهان التنوخي: أخذ عنه القراءات السبع.
وبالجملة: فقد أخذ واستفاد عن أئمة عصره في البلاد المصرية، ورحل إلى غيرهم في بلدانهم.
1 / 19
رحلاته:
رحل إلى بلادٍ كثيرةٍ كلُّها في طلب العلم وتحقيق مسائله، فمن البلدان التي أقام فيها:
١ - الحرمان الشريفان: وجاور في مكة المكرمة، وصلَّى التراويح في المسجد الحرام سنة (٧٨٥ هـ)، وسمع صحيح البخاري في مكة على الشيخ المحدِّث عفيف الدين النيسابوري ثم المكي، وتردَّد على مكة المكرمة مراتٍ للحج والاعتمار.
٢ - دمشق: ووجد فيها بعض تلاميذ مؤرِّخ الشام ابن عساكر، وأخذ فيها عن ابن الملقِّن والبُلْقِيني.
٣ - بيت المَقْدِس: وكثيرٌ من مدن فلسطين؛ كنابلس، والخليل، والرملة، وغزة، واجتمع بعلمائها واستفاد منهم.
٤ - صنعاء: وبعض بلدان اليمن، وقرأ على علمائها واستفاد منهم.
كل هذا في طلب العلم، والأخذ عن كبار الشيوخ.
أعماله:
ولاَّه السُّلطان المؤيَّد نيابة القضاء عن جلال الدين البلقيني، ثم عرض عليه قضاء البلاد المصرية في عام (٨٢٧ هـ)، فقَبِلَ وندم على ذلك، ثم بعد سنة واحدة استقال عنه، ثم ألحَّ عليه في قبوله، فرأى الأمر متعيِّنًا عليه، فقَبِلَ الولاية، وفرح به الناس فرحًا عظيمًا، ثم زيد في ولايته، فضمَّ إليه قضاء البلاد الشامية حتى قَبْلَ عام (٨٣٣ هـ) وما زال حينًا يقوم بالقضاء، وحينًا يتركه، وذلك لكثرة الشَّغَبِ والتعصُّب والأهواء، حتى بلغت سِنُو قضائِهِ واحدًا وعشرين سنة بعد أن انتهَتْ إليه رئاسةُ القضاة، وكان آخر ولايته القضاء في اليوم الثامن من ربيع الثاني عام (٨٥٢ هـ).
كما ولي من الأعمال:
- الخطابة في الجامع الأزهر.
1 / 20
- الخطابة في جامع عَمْرِو بن العاص في القاهرة.
- منصب الإفتاء بدار العدل.
مؤلَّفاته:
الحافظ ابن حَجَرٍ رزقَهُ اللهُ تعالى في مؤلَّفاته ميزاتٍ قَلَّ أن توجد لغيره، فإنها جمعت من السعة والتحقيق ما لم يكن لغيرها؛ فصار لها القبول التامّ والانتشار العامّ، في حياته وحتى الآن، فلا نجد باحثًا ولا مؤلِّفًا إلاَّ يعتمد على كتبه، ومن أشهر مؤلَّفاته ما يأتي:
١ - "فتح الباري، بشرح صحيح البخاري" الذي يعتبره المحقِّقون أنفع شروح البخاري، حتى قال بعضهم: إن شرح البخاري دَيْنٌ على أمة محمَّد لم يوفِّه إلاَّ الحافظُ ابن حجر بفتح الباري.
٢ - "تهذيب التهذيب" جمع تراجم رجال الحديث، وبيَّن مقاماتهم ومنازلهم.
٣ - "الإصابة، في تمييز الصحابة" خصَّه لتراجم أصحاب النبي ﷺ، ويمتاز ببيان مروياتهم ومن أخذ عنهم.
٤ - "بلوغ المرام، من أدلة الأحكامِ" وسيأتي الكلام عليه، إن شاء الله تعالى.
وبالجملة: فقد بلغت مؤلَّفاته نحو خمسين ومائة، أغلبها في تحقيق السنة المطهرة رواية ودراية.
وابن حجر مَفْخَرَةٌ من مفاخر الزمان، وعَلَمٌ من أئمة الإِسلام، ورئيس من رؤساء العلم، نفع الله تعالى بعلمه من تخريج التلاميذ الكبار، ومن تأليف الأسفار.
وهذه الترجمة الموجزة لا توفِّيه حقَّه، ولا تظهر مزاياه، ولا تبرز فضله، وقد أفرد له كثير من العلماء والحفَّاظ التصانيفَ في ترجمته، وأحسَنُ مَنْ كتَبَ تلميذُهُ العلَّامةُ السخاوي في كتاب سمَّاه: "الجواهر والدرر، في ترجمة الحافظ ابن حجر" توفي ﵀ في بلاد مصر في ٢٨ ذي الحجة عام (٨٥٢هـ)، ودفن بالقرافة الصغرى، رحمه الله تعالى رحمة المصطَفَيْنَ الأخيار.
1 / 21
بلوغ المرام
كتابٌ مبارَكٌ مفيدٌ مع صغر حجمه، حوَى ما يغني عن التطويل، وأقبل عليه العلماء قديمًا وحديثًا، فلا تجد حَلْقَةَ عالمٍ إلاَّ وكتابُ بلوغ المرام في رأس قائمة الدروس، وأقبَلَ عليه الطَّلاَّبُ بالحفظ والتداول، واستَغْنَوْا به عن غيره من أمثاله، فصار له قبول، وعليه إقبال، حتى استفاد منه في كل عصر الجمُّ الغفير، فلمَّا أنشئت في بلادنا المعاهد العلميَّة والكليَّات الدينية، صار هو أولَ كتاب يفضَّل تدريسه وتقريره.
ولهذا الكتاب الجليل ميزات عظيمة نافعة ليست لغيره، نورد بعضها فيما يأتي:
١ - بيَّن مؤلِّفه مرتبة الحديث، من الصحة والحسن والضعف بما يغني الطالب عن الرجوع إلى غيره.
٢ - أقتَصَرَ من الحديث على الشاهد مِنَ الباب بما لا يُخِلُّ بالمعنى المقصود، فحصَلَ من هذا الإيجازُ والفائدة.
٣ - إذا كان للحديث رواياتٌ أُخَرُ فيها زياداتٌ مفيدة في الباب، ألحقها بإيجاز ووضوح؛ فجاءت روايات الحديث في المسألة يُتَمِّم بعضها بعضًا.
٤ - انتقى أحاديث الكتاب من دواوينه المشهورة، وأمهاته المعتبرة، التي أشهرها مسند أحمد، والصحيحان، والسنن الأربع.
٥ - يصدِّر الباب -غالبًا- بما في الصحيحين أو أحدهما، ثم يتبعها بما في السنن أو غيرها؛ لتكون الأحاديث الصحيحة هي العمدة في الباب، والمرجع في المسائل، والباقي مكمِّلات ومتمِّمات.
٦ - يتتبَّعُ العللَ الموجودة في الحديثِ فيذكرها.
1 / 22