حاسَّةٍ من حَوَاسِّ البَدَنِ إنَّما تَقْبَلُ مَا يَتَّصِلُ بهَا مِمَّا طُبِعَتْ لَهُ إِذا كانَ وُرُودُهُ عَلَيْهَا وُرودًا لطيفًا باعتدالٍ لَا جَوْرَ فِيهِ وبموافَقَةٍ لَا مُضَادَّةَ مَعَها.
(فالعينُ تألَفُ المَرْأى الحَسَن، ... وتَقْذَى بالمَرْأَى القَبيح الكَريه)
(وَالأَنْفُ يَقْبَلُ المَشَمَّ الطَّيِّبَ، ... ويتأَذَّى بالمُنْتِنِ الخَبِيث)
(والفَمُ يَلْتَذُّ بالمذاقِ الحُلْو، ... ويَمُجُّ البَشِعَ المُرَّ)
والأذنُ تتشوَّف للصَّوتِ الخَفيض السَّاكن، وتَتَأذَّى بالجَهير الهَائل.
واليَدُ تَنْعَمُ بالمَلْمَس اللَّين النَّاعم، وتتأذَّى بالخَشِن المُؤْذي.
والفَهْمُ يأنَسُ من الكَلامِ بالعَدْلِ الصَّواب الحَقِّ، والجَائزِ المعْروفِ المألُوفِ، ويَتَشَوَّفُ إِلَيْهِ، ويتَجَّلى لَهُ، ويستوحش من الكَلامَ الجَائر الخَطأِ الباطِل، والمُحَالِ المجَهْول الْمُنكر، وينَفرُ منهُ، ويصدأ لَهُ.
فَإِذا كانَ الكَلامُ الوَاردُ على الفَهْم مَنظومًا مُصَفَّى من كَدَر
1 / 20