114

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Penerbit

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

Lokasi Penerbit

لبنان

Genre-genre

Fiqh Hanafi
- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ) لِحَدِيثِ لَيْلَةِ الْجِنِّ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﵊ تَوَضَّأَ بِهِ حِينَ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ عَمَلًا بِآيَةِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهَا أَقْوَى، أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِهَا لِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَلَيْلَةُ الْجِنِّ كَانَتْ مَكِّيَّةً. وَقَالَ مُحَمَّدٌ ﵀: يَتَوَضَّأُ ــ [العناية] سَنَذْكُرُهُ. وَالْكَلَامُ فِيهِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي وَقْتِ الْجَوَازِ، وَفِي جَوَازِ الْوُضُوءِ بِهِ، وَفِي نَفْسِهِ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ التَّيَمُّمُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نَبِيذَ التَّمْرِ: يَعْنِي إذَا عَدِمَ الْمَاءَ الْمُطْلَقَ. وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. أَنَّهُ إنْ تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ أَحَبُّ إلَيَّ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ جَازَ، وَلَوْ عَكَسَ لَمْ يَجُزْ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُسْتَحَبٌّ. وَالثَّالِثَةُ مَا رَوَى نُوحٌ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ. أَمَّا وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ لِحَدِيثِ لَيْلَةِ الْجِنِّ وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو رَافِعٍ وَابْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ثُمَّ قَالَ: لِيَقُمْ مَعِي مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فَقَامَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁، فَحَمَلَهُ: أَيْ أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ نَفْسِهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ وَخَطَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَوْلِي خَطًّا وَقَالَ: لَا تَخْرُجْ عَنْ هَذَا الْخَطِّ فَإِنَّك إنْ خَرَجَتْ عَنْهُ لَمْ تَلْقَنِي إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ ذَهَبَ يَدْعُو الْجِنَّ إلَى الْإِيمَانِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَالَ لِي: هَلْ بَقِيَ مَعَك مَاءٌ أَتَوَضَّأُ بِهِ؟ فَقُلْت لَا إلَّا نَبِيذُ التَّمْرِ فِي إدَاوَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَمْرَةٌ طَيْبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ، وَأَخَذَهُ وَتَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى الْفَجْرَ» وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْعَمَلُ بِآيَةِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهَا تَنْقُلُ التَّطْهِيرَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ إلَى التُّرَابِ وَنَبِيذُ التَّمْرِ مَاءٌ مِنْ وَجْهٍ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مَرْدُودًا بِهَا لِكَوْنِهَا أَقْوَى مِنْ الْحَدِيثِ أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِهَا، أَيْ بِآيَةِ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ وَلَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ بِمَكَّةَ. فَإِنْ قِيلَ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ التَّيَمُّمِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ جَوَابُ أَبِي يُوسُفَ خَاصَّةً، وَالْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا هُوَ قَوْلُهُ: عَمَلًا بِآيَةِ التَّيَمُّمِ

1 / 118