Ilmu Adab Jiwa
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Genre-genre
وإذا لم يكن عند المرء تردد في الحكم فقد تجرد من التعقل والإرادة، فهو إذن حيوان أو أبله أو مجنون أو سكران.
الحيوان لا يتردد في الحكم بأن يفترس حيوانا آخر، إن كان من أكلة اللحوم، أو أن يأكل النباتات إن كان من أكلة النبات، فهو لا اختيار عنده ولا حرية.
ولكن الإنسان - وهو حيوان عاقل - لا بد أن يجد في كل أمر وجهين أو وجوها، ويزن هذه الوجوه ليحكم في أفضلها ليختاره، فإن خاب أمله في الغاية التي ينشدها لام نفسه؛ أي تعقله، لأنه ناقص المعرفة فضلله، أو لامه لأنه ضعيف لم يتغلب على شهوته أو على خلقه الذي أفضى به إلى سوء المغبة.
ومهما اتسع اختبار المرء فهنالك أمور لم يختبرها، ولا بد من اختياره فيها ريثما يختبرها، ومهما اتسع علمه فهناك أمور يجهلها، ولا بد من تردده فيها واختيار أحد وجوهها دون الآخر إلى أن يعلمها. ومهما سمت فضيلته فهناك أخلاقه وشهواته تتغلب عليه أيضا، فهو في بحر من المتباينات التي لا بد له من الاختيار فيها. (1-5) المسئولية تقرر الحرية
هيهات أن يجد الإنسان نفسه أمام الأفضل المطلق حتى يقال: إنه ليس حرا ولا بد له من اعتناق هذا الأفضل، ولو كان الأفضل في كل الأمور مقررا لما بقي لزوم للعقل والتعقل والإرادة؛ فالأفضل واحد، وهو وحده يدعو الإنسان للفعل، ولو كان الخير مطلقا وجليا للإنسان لما كان الإنسان يضل عنه، وما كان ثمة خطأ، ولو كان الإنسان بلا أخلاق ولا غرائز لما كان أيضا لزوم للتعقل ليدرب أخلاقه وغرائزه، بل كان الإنسان كالحجر يقع إلى الأرض إذا زال ما يسنده أو يرفعه عن الأرض؛ إذ لا داعي لحركته غير جاذبية الأرض، أو كان كالسيار الذي يدور حول الشمس بلا حرية؛ لأنه مضطر أن يخضع لسنن الجاذبية والدافعية والاستمرار.
وأخيرا إذا كان الإنسان غير حر؛ فما هو مسئول، ولا معنى للإثم والصلاح حينئذ.
إذن يمكننا أن نعرف الحرية بأنها اختيار بين الأفعال التي تتباين فيها المحركات من أخلاق وغرائز وتعقلات، وتختلف فيها الظروف؛ فلدى هذه الأفعال الإنسان حر أن يختار فيما هو في مقدوره.
وإذن - أيضا - الحرية محدودة غير مطلقة، فلا يمكن للإنسان أن يختار بين الطيران وهو بلا جناحين، وبين المشي وهو ذو قدمين، ولا يمكن أن يختار بين الأكل والصوم الدائم إذا كان لا يزال طامعا بالحياة؛ أي إن الحرية لا معنى لها في المستحيلات، فهي محدودة في دائرة الممكنات، كذلك لا حرية عند مفاجأة الخطر؛ إذ لا بد من الهرب، كما لو فوجئت بهجوم أسد وأنت غير مسلح، فليس أمامك إلا التسلق على الشجرة. (2) حدود الحرية
لكي نعلم حقيقة الحرية يجب أن نعلم دوائر حدودها. (2-1) دوائر الحرية
فالدائرة الأولى:
Halaman tidak diketahui