وذهب المرتضى رحمه الله (1) إلى تقسيم ذلك فقال: ان أخبار البلدان والوقائع والملوك وهجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومغازيه وما يجرى هذا المجرى يجوز أن يكون ضرورة من فعل الله تعالى، ويجوز أن يكون مكتسبة من فعل العباد وأما ما عدا أخبار البلدان وما ذكرناه مثل العلم بمعجزات النبي صلى الله عليه وآله، وكثير من أحكام الشريعة، والنص الحاصل على الأئمة عليهم السلام، فيقطع على أنه مستدل عليه (2).
وهذا المذهب عندي أوضح من المذهبين جميعا وإنما قلنا بهذا المذهب لأنه لا دليل هاهنا يقطع به على صحة أحد المذهبين دون الاخر، فالأدلة فيها كالمتكافئة وإذا كان كذلك وجب الوقف، وتجويز كل واحد من المذهبين.
ونحن نعترض ما استدل به كل فريق من الفئتين، ونبين ما في ذلك.
ولأنه أيضا لا يمتنع أن يكون العالم بهذه الاخبار قد يقدم له على الجملة العلم بصفة الجماعة التي لا يجوز أن يتفق منها الكذب، فلا (3) يجوز على مثلها أيضا التواطؤ، لان علم ذلك مستند إلى العبادة، فجائز أن يكون قد عرف ذلك، وتقرر في نفسه، فلما أخبره عن البلدان وأخبار الملوك والوقائع من هو على تلك الصفة، فعل لنفسه اعتقاد الصدق لهذه الأخبار، وكان ذلك الاعتقاد علما للجملة المتقدمة، فيكون كسبيا لا (4) ضروريا فيه.
وليس لاحد أن يقول: ان ادخال التفصيل في الجملة، إنما يكون فيما له أصل ضروري على سبيل الجملة، كما نقول: (إن من شأن الظلم أن يكون قبيحا) علم على الجملة ضروري فإذا علمنا في ضرر بعينه انه ظلم فعلنا اعتقادا لقبحة وكان علما
Halaman 71