لكن علمنا بالدليل (1) * انه أراد أحدهما وهو الجماع.
وأما ما ذكره أبو عبد الله (2) من قوله عليه السلام: (لا صلاة الا بفاتحة الكتاب) (3) وان ذلك لا يمكن حمله على نفى الاجزاء والكمال من حيث كان نفى أحدهما يقتضى ثبوت الاخر، فليس على ما ذكره لأنه متى نفى الاجزاء، فقد نفى أيضا الكمال، لأنه إذا لم يكن مجزئا كيف يثبت كونها كاملة؟ فكيف يدعى ان في نفى أحدهما اثباتا للاخر؟ وكذلك إذا نفى الكمال لا يمتنع أن ينفى معه الاجزاء أيضا، لأنه ليس في نفيه اثبات الاجزاء، فلا يمكن ادعاء ذلك فيه. وينبغي أن يكون الكلام في ذلك مثل الكلام فيما تقدم.
وأما ما ذكره عبد الجبار (4) من أنه لا يجوز أن يريد باللفظ الواحد الاقتصار على الشئ وتجاوزه، لأنه يتنافى أن يريد الزيادة وألا يريدها، فالذي يليق بما ذكره من المذهب الصحيح غير ذلك، وهو أن يقال: ان ذلك غير ممتنع لأنه لا يمتنع أن يريد الاقتصار على الشئ ويريد أيضا ما زاد على ذلك على وجه التخيير وليس بينهما تناف، وليس ذلك بأكثر من إرادة الطهر والحيض باللفظ الواحد، وقد أجاز ذلك فكذلك القول في هذا.
ومتى كان اللفظ يفيد في اللغة شيئا، وفي العرف شيئا آخر، وفي الشرع شيئا آخر لا يمتنع أن يريدهما معا، وكذلك القول في الحقيقة، والمجاز، والكناية، والصريح.
فان قيل: إذا كان جميع ما ذكرتموه (5) * غير ممتنع أن يكون مرادا باللفظ،
Halaman 57