55

Cibarat

العبرات

Penerbit

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Retorik
ثُمَّ اِنْحَدَرَ إِلَى سَفِينَته وَانْحَدَرَ أَهْله وَرَاءَهُ فَسَارَتْ اَلسَّفِينَة بِهِمْ تَشُقّ عُبَاب لِمَاء شَقًّا فَسِجِلّ اَلتَّارِيخ فِي تِلْكَ اَلسَّاعَة أَنَّ قَدْ تَمَّ جَلَاء اَلْعَرَب عَنْ اَلْأَنْدَلُس بَعْد مَا عَمَّرُوهَا ثَمَانمِائَة عَام. بَعْد مُرُور أَرْبَعَة وَعِشْرِينَ عَامًا عَلَى تِلْكَ اَلْحَوَادِث لَمْ يَبْقَ فِي إِفْرِيقِيَّة حَيّ مِنْ بَنِي اَلْأَحْمَر إِلَّا فَتَى فِي اَلْعِشْرِينَ مِنْ عُمْره أَسُمّهُ سَعِيد لَمْ يَرَ غَرْنَاطَة وَلَا قَصْر اَلْحَمْرَاء وَلَا اَلْمَرَج وَلَا جَنَّة اَلْعَرِيف وَلَا نَهْر شنيل وَلَا عَيْن اَلدَّمْع وَلَا جَبَل اَلثَّلْج وَلَكِنَّهُ مَا زَالَ يَحْفَظ فِي ذَاكِرَته مِنْ عَهْد اَلطُّفُولَة تِلْكَ اَلْأَنَاشِيد اَلْأَنْدَلُسِيَّة اَلْبَدِيعَة اَلَّتِي كَانَ يَتَرَنَّم بِهَا نِسَاء قَوْمه حَوْل مَهْده وَيُرَدِّدُونَ فِيهَا ذِكْر آبَائِهِ وَأَجْدَاده وَآثَار أَيْدِيهمْ وَعَزَّة سُلْطَانهمْ فِي تِلْكَ اَلْبِقَاع وَتِلْكَ اَلْمَرَاثِي اَلْمُحْزِنَة اَلْمُؤَثِّرَة اَلَّتِي بِكَيّ فِيهَا شُعَرَاء اَلْأَنْدَلُس ذَلِكَ اَلْمَجْد اَلسَّاقِط وَالْمَلِك المضاع فَكَانَ كُلَّمَا خَلَا إِلَى نَفْسه رَدَّدَ تِلْكَ اَلْمَرَاثِي بِنَغْمَة شَجِيَّة مُحْزِنَة تَسْتَثِير عِبْرَته وَتُهَيِّج أَشْجَانه فَلَا يَزَال يَبْكِي وَيَنْتَحِب حَتَّى يُشْرِف عَلَى اَلتَّلَف. فَكَّانِ لَا يَتَمَنَّى عَلَى اَللَّه مِنْ كُلّ مَا يَتَمَنَّى اِمْرُؤ عَلَى رَبّه فِي

1 / 59