142

Cibarat

العبرات

Penerbit

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Retorik
وَلَا تَجِد فِي نَفْسهَا لَذَّة اَلْأُنْس بِهِمْ ثُمَّ لَا تَجِد لَهَا بُدًّا مِنْ مماذقتهم وَالتَّحَبُّب إِلَيْهِمْ وَالتَّجَمُّل لَهُمْ بِمَا يُرِيدُونَ وَيَشْتَهُونَ فَتُقَبِّل اَلْأَفْوَاه اَلَّتِي لَا تَشْتَهِيهَا وَتَعْتَنِق اَلْقَامَات اَلَّتِي لَا تُطِيق رُؤْيَتهَا وَتَشْرَب مَعَ كُلّ شَارِب وَالشَّرَاب يَحْرُق أَحْشَاءَهَا وَتَرْقُص مَعَ كُلّ رَاقِص وَالرَّقْص يُمَزِّق أَوْصَالهَا وَتَضْحَك ضِحْكَات اَلسُّرُور مِنْ قَلْب بَاكٍ وَتُنْشِد أَنَاشِيد الهناد مِنْ فُؤَاد مُحْتَرِق فَكَأَنَّهَا فِي يَد اَلنَّاس وَالْعُود فِي يَد اَلْمُغَنِّي يَقْطَع أَوْتَاره ضَرْبًا لِيُطْرِب لِنَغَمَاتِهِ أَوْ اَلزَّهْرَة فِي يَد اَلْمُقْتَطَف يَعْصِر أَوْرَاقهَا عَصْرًا لِيَنْعَم بِشَذَاهَا فَتُهَيِّجهَا ذِكْرَى ذَلِكَ اَلْمَاضِي اَلسَّعِيد وَهَذَا اَلْحَاضِر اَلشَّقِيّ فَتُطْلِق اَلسَّبِيل لِزَفَرَاتِهَا وَعَبَرَاتهَا يَصْعَد مِنْهَا مَا يَصْعَد وَيَنْحَدِر مَا يَنْحَدِر حَتَّى تشتفي نَفْسهَا فَتَقُوم إِلَى خِزَانَة مَلَابِسهَا فَتَسْتَخْرِج مِنْهَا صُورَة تَضَعهَا بَيْن سِحْرهَا وَنَحْرهَا ثُمَّ تَأْوِي إِلَى مَضْجَعهَا فَتَجِدّ بَرْد اَلرَّاحَة فِي صَدْرهَا لِأَنَّهَا صُورَة أَرْمَان. وَلَمْ تَزَلْ تُكَابِد مِنْ اَلشَّقَاء فِي تِلْكَ اَلْحَيَاة اَلسَّاقِطَة وَآلَامهَا مَا لَا طَاقَة لِمَثَلِهَا بِاحْتِمَال مِثْله حَتَّى اِسْتَيْقَظَ فِي صَدْرهَا دَاؤُهَا اَلْقَدِيم بَعْد مَا نَامَ عَنْهَا حِينًا مِنْ اَلدَّهْر فَهَزَلَ جَسَّمَهَا وشحب لَوْنهَا وَغَاضَ مَاء اِبْتِسَامَاتهَا وَانْطَفَأَ شُعَاع نَظَرَاتهَا وَشَغْلهَا شَأْن نَفْسهَا عَنْ شَأْن المركيز فَلَمْ يَلْبَث أَنْ مَلَّهَا وَفَارَقَهَا وَاسْتَبْدَلَ بِهَا أُخْرَى غَيْرهَا ثُمَّ اِخْتَلَفَ عَلَيْهَا مِنْ بَعْده اَلْأَخِلَّاء اَلرُّفَقَاء فَكَانَ شَأْنهمْ مَعَهَا شَأْنه لَا يَلْبَث أَحَدهمْ أَنْ يَعْرِفهَا حَتَّى يَهْجُرهَا فَكَسَدَتْ سِلْعَتهَا فِي سُوق اَلْجِمَال وَطَمِعَ فِيهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَع قَبْل اَلْيَوْم فِي لَثْم مَوَاطِئ أَقْدَامهَا وَخَلَتْ مَنْهَلَا اَلْمَجَامِع وَالْمَحَافِل ثُمَّ خَلَتْ مِنْ ذَكَرَهَا وَحَدِيثهَا وأعوزها اَلْمَال إعواز شَدِيدًا فَمَدَّتْ يَدهَا إِلَى مَا كَانَ بَاقِيًا عِنْدهَا مِنْ جَوَاهِرهَا وَلَآلِئهَا فَبَاعَته فَلَمْ يَفِ بِدِينِهَا فَطَلَبَتْ اَلْمَعُونَة مِنْ كَثِير مِنْ أَصْدِقَائِهَا اَلْمَاضِينَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا قَلِيل

1 / 146