131

Cibarat

العبرات

Penerbit

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Retorik
وَعِنْد اَلنَّاس جَمِيعًا أَنَّهَا نُفَايَة اَلرِّجَال وَفَضْلَة مِنْ فَضَلَات اَلْفُسَّاق وَفُتَات اَلْمَائِدَة اَلْعَامَّة اَلَّتِي يَجْلِس عَلَيْهَا اَلنَّاس جَمِيعًا صَبَاحهمْ وَمَسَاءَهُمْ فَحَسِبَك هَذَا وَقُمْ اَلسَّاعَة لِتُعِدّ نَفْسك لِلسَّفَرِ مَعِي إِلَى نيس فَلَسْت بتاركك بَعْد اَلْيَوْم فِي هَذَا اَلْبَلَد سَاعَة وَاحِدَة. فَرَفَعَ أَرْمَان رَأَسَهُ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ لَهُ بِصَوْت هَادِئ مُطَمْئِن. فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَبَوْهُ نَظْرَة شزراء وَقَالَ لَهُ وَتِلْكَ سَيِّئَة أُخْرَى فَقَدْ أَصْبَحَتْ لَا تَعْبَأ بِي وَلَا تُبَالِي بِمُخَالَفَة أَمْرِي مِنْ أَجْل اِمْرَأَة سَاقِطَة لَا شَأْن لَهَا مَعَك إِلَّا أَنْ تَعْبَث بِعَقْلِك وَتَسْلُبك مَالِك وَشَرَفك وتفسيد عَلَيْك حَاضِرك وَمُسْتَقْبَلك. قَالَ لَا يَا أَبَتَاهُ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِعَابِثَة وَلَا خَادِعَة وَلَكِنَّهَا تُحِبّنِي حُبًّا لَمْ يُحِبّهُ أَحَد مِنْ قَبْلهَا أَحَدًا وَأَحْسَب أَنِّي أَنْ فَارَقْتهَا قَتَلَتهَا وَجَنَيْت عَلَيْهَا جِنَايَة لَا يُفَارِقنِي اَلنَّدَم عَلَيْهَا حَتَّى اَلْمَوْت. قَالَ ذَلِكَ مَا يَخْدَع بِهِ أَمْثَالهَا أَمْثَالك فَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ اَلْعَاهِرَات قُلُوب يُحْبِبْنَ بِهَا بَلْ لَهُنَّ أَلْسُن يَخْتَلْنَ بِهَا اَلرِّجَال ويسلبنها حَجْبًا بَيْن بَعْضهمْ وَبَعْض حَتَّى يَظُنّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ أَنَّهُ اَلْأَثِير عِنْدهَا وَصَاحِب اَلْحُظْوَة لَدَيْهَا مِنْ دُون أَصْحَابه جَمِيعًا. قَالَ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ شَأْنهَا قَبْل اَلْيَوْم أَمَّا اَلْيَوْم فَهِيَ لَا تُحِبّ أَحَدًا غَيْرِي بَلْ لَا تَعْرِف أَحَدًا سِوَايَ فَهِيَ تَعِيش عِيشَة تُشْبِه عِيشَة النشاء اَلشَّرِيفَات بَلْ اشرف مِنْ عِيشَة اَلْكَثِيرَات مِنْهُنَّ لِأَنَّ اَلْخَلِيلَة اَلَّتِي تُخَلِّص لِخَلِيلِهَا أَشْرَف مِنْ اَلزَّوْجَة اَلَّتِي تَخُون زَوْجهَا وَأَخْشَى إِنْ فَارَقَتْهَا أَنْ تَثُور فِي نَفْسهَا ثَوْرَة مِنْ ثَوْرَات اَلْيَأْس فَتَرُدّهَا إِلَى تِلْكَ اَلْحَيَاة اَلْأُولَى حَيَاة اَلشَّرّ وَالْفَسَاد وَالشَّقَاء.

1 / 135