107

Cibarat

العبرات

Penerbit

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Retorik
فَأَتْبَعَتْهَا نَظَرِيّ حَتَّى اِخْتَفَتْ آخِر طَيَّة مِنْ طَيَّات رِدَائِهَا فَعُدْت إِلَى نَفْسِي فَإِذَا جُثَّة اَلْفَتَاة المرجومة لَا تَزَال مَكَانهَا فَهَاجَمَنِي مُنَظِّرهَا وَقُلْت فِي نَفْسِي إِنَّنِي لَا أَدَّخِر لِنَفْسِي عَمَلًا أَرْجُو فِيهِ رَحْمَة اَللَّه وَإِحْسَانه يَوْم جَرَّائِهِ أَفْضَل مِنْ مواراة هَذِهِ اَلْمِسْكِينَة اَلتُّرَاب فاحتفرت لَهَا حُفْرَة بِجَانِب حُفْرَة اَلشَّهِيدَيْنِ ثُمَّ أَلْقَيْت عَلَيْهَا رِدَائِي وَاحْتَمَلْتهَا عَلَى يَدَيْ حَتَّى أضجعتها فِي حُفْرَتهَا فَإِنِّي لِأَجْثُوَ عَلَيْهَا اَلتُّرَاب سَوْدَاء لَا يَسْتَبِين مِنْهَا غَيْر بَيَاض وَجْهه فابتدرني بِقَوْلِهِ مِنْ صَاحِب هَذَا اَلْقَبْر اَلَّذِي تَجْثُو تُرَابه يَا سَيِّدِي قَلَّتْ فَتَاة مرجومة رَأَيْت جُثَّتهَا اَلسَّاعَة مَنْبُوذَة فِي هَذَا اَلْعَرَاء فَرَحِمَتْ مَصْرَعهَا واحتفرت لَهَا هَذَا اَلْقَبْر اَلَّذِي تَرَاهُ فَقَالَ إِنَّ لِي يَا سَيِّدِي مَعَ هَذِهِ اَلْفَتَاة شَأْنًا فَهَلْ تَأْذَن لِي أَنْ أُوَدِّعهَا اَلْوَدَاع اَلْأَخِير قَبْل أَنْ يَحُول اَلتُّرَاب بَيْنِي وَبَيْنهَا قَلَّتْ نِعَم شَأْنك وَمَا تُرِيد وَتَنَحَّيْت قَلِيلًا فَدَنَا مِنْ اَلْقَبْر وَجَثَا فَوْق تُرْبَته وَظَلَّ يُنَاجِي اَلدَّفِينَة نجاء خِلْت أَنَّ اَلْكَوَاكِب تَرَدُّده فِي سَمَائِهَا وَالرِّيَاح تُرْجِعهُ فِي أَجْوَائِهَا حَتَّى اشتفت نَفْسه فَقَامَ إِلَى اَلتُّرَاب يُهِيلهُ عَلَيْهَا حَتَّى وراها ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ اَلْفَتَاة اَلْمَظْلُومَة بِسَتْر مَا كَشَفَ اَلنَّاس عَنْ عَوْرَتهَا وَحَفِظَ مَا أَضَاعُوا مِنْ حُرْمَتهَا فَجَزَاك اَللَّه خَيْرًا بِمَا فَعَلَتْ وَأَحْسَن إِلَيْك كُمًّا أَحْسَنَتْ إِلَيْهَا وَأَرَادَ اَلرُّجُوع فَاسْتَوْقَفْته وَقُلْت لَهُ وَهَلْ مَاتَتْ هَذِهِ اَلْفَتَاة مَظْلُومَة كَمَا تَقُول؟ فَانْفَجَرَتْ شَفَتَاهُ عَنْ اِبْتِسَامَة مَرَّة وَنَظَر إِلَى نَظْرَة هَادِئَة مُطَمْئِنَة وَقَالَ نَعَمْ يَا سَيِّدِي وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا رَأَيْتنِي اَلسَّاعَة وَاقِفًا عَلَى حَافَّة قَبْرهَا أَنْدُبهَا. أَنَا اَلرَّجُل اَلَّذِي اِتَّهَمُوهَا بِهِ وَأَسْتَطِيع أَنْ أَقُول لَك كَمَا أَقُول لِرَبِّي يَوْم أَقِف بَيْن يَدَيْهِ رَافِعًا إِلَيْهِ ظلامتها إِنَّهَا بَرِيئَة مِمَّا رَمَوْهَا بِهِ

1 / 111