104

Cibarat

العبرات

Penerbit

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Retorik
عَلَى رِدَائِهِ فَسَقَطَ فِي مَكَانه مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَاله تِلْكَ حَتَّى مَرَّ بِهِ اَلْعَسَس فَرَأَوْهُ وَرَأَوْا الغرارة بِجَانِبِهِ فَارْتَابُوا بِهِ وَكَانَ رُهْبَان اَلدَّيْر قَدْ أَخَذُوا يَتَصَايَحُونَ فِيمَا بَيْنهمْ الغرارة الغرارة وَيَنْشُدُونَهَا فِي أَنْحَاء اَلدَّيْر حَتَّى يَئِسُوا مِنْهَا فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهَا فِي كُلّ مَكَان حَتَّى اِلْتَقَوْا بِالْعَسَسِ حَوْل مَصْرَع اَلشَّيْخ فَعَرَفُوا ضَالَّتهمْ وَمَا هِيَ إِلَّا سَاعَة حَتَّى كَانَتْ الغرارة فِي اَلدَّيْر وَكَانَ اَلشَّيْخ فِي اَلسِّجْن ثُمَّ كَانَ بَعْد ذَلِكَ مَا رَأَيْت مِنْ أَمْره فوا أسفاه عَلَيْهِ لَقَدْ مَاتَ شَهِيدًا مَظْلُومًا ووارحمتاه لِي وَلِأَطْفَالِي اَلْبُؤَسَاء اَلْمَسَاكِين مِنْ بَعْده! ثُمَّ نَهَضَتْ مِنْ مَكَانهَا وَمَسَحَتْ عَبْرَتهَا بِطَرَف رِدَائِهَا وَنَظَرَتْ إِلَى اَلْقَبْر نَظْرَة طَوِيلَة وَقَالَتْ اَلْوَدَاع يَا رَفِيق صِبَايَ وَعِمَاد شَيْخُوخَتِي اَلْوَدَاع يَا خَيْر اَلْأَزْوَاج وَأَبِرّ العشراء اَلْوَدَاع حَتَّى يَجْمَع اَللَّه بَيْنِي وَبَيْنك فِي دَار جَزَائِهِ ثُمَّ اِنْكَفَأَتْ رَاجِعَة فِي اَلطَّرِيق اَلَّتِي جَاءَتْ مِنْهَا. وَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ تَغَلْغُل شَخْصهَا فِي أَعْمَاق اَلظَّلَام حَتَّى رَأَيْت شَبَحًا آخَر يَتَرَاءَى مِنْ حَيْثُ اِخْتَفِي اَلشَّبَح اَلْأَوَّل وَمَا زَالَ يَتَقَدَّم نَحْوِي مُتَسَلِّلًا يَخْتَلِس خُطُوَاته اِخْتِلَاسًا فَاخْتَبَأَتْ وَرَاء اَلشَّجَرَة لِأَرَى مَا هُوَ صَانِع وَكَانَ اَلْقَمَر قَدْ بَدَأَ يُشَرِّف عَلَى اَلْوُجُود مِنْ مَطْلَعه وَيُرْسِل اَلْخُيُوط اَلْأُولَى مِنْ أَشِعَّته عَلَى تِلْكَ اَلسَّاحَة اَلْكُبْرَى فَرَأَيْت اَلشَّبَح عَلَى نُوره فَإِذَا فَتَاة جَمِيلَة بَاكِيَة لَمْ أَرَ فِي حَيَاتِي دَمْعَة عَلَى خَدّ أَجْمَل مِنْ دَمْعَتهَا عَلَى خَدّهَا فَدَارَتْ بِعَيْنَيْهَا لَحْظَة حَتَّى وَقَعَ نَظَرهَا عَلَى جُثَّة اَلْمَصْلُوب بَيْن أَعْوَاد اَلشَّجَرَة فَمَشَتْ إِلَيْهِ وَمَدَّتْ يَدهَا إِلَى اَلْحَبْل اَلْمَشْدُود بِهِ فَعَالَجَتْ عُقْدَته حَتَّى اِنْحَلَّتْ ثُمَّ اِحْتَمَلَتْهُ

1 / 108