Charles Darwin: Kehidupannya dan Surat-Suratnya (Bahagian Pertama) dengan Bab Autobiografi oleh Charles Darwin
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
Genre-genre
لم يكن يشرب من الخمر إلا قليلا جدا، لكنه كان يستمتع به، وقد كان هذا القدر القليل ينعشه ويعيد إليه حيويته. لقد كان يرتعب من احتساء الخمر، ودائما ما كان يحذر أبناءه من الإفراط فيه؛ إذ يسهل على المرء الانقياد إلى ذلك. وأنا أتذكر أنني سألته ببراءة ذات مرة وأنا طفل صغير، عما إذا كان قد شعر بالانتشاء من الخمر قبل ذلك، وقد أجابني بجدية شديدة أنه يشعر بالخزي إذ أفرط في الشراب ذات مرة في كامبريدج. وقد ترك ذلك لدي انطباعا عميقا؛ ولهذا فإنني لا زلت أتذكر المكان الذي سألته فيه هذا السؤال.
وبعد أن يتناول غداءه، كان يقرأ الجريدة مستلقيا على الأريكة في غرفة الاستقبال. وأعتقد أن الجريدة هي المادة غير العلمية الوحيدة التي كان يقرؤها بنفسه، أما المواد الأخرى من روايات وأدب رحلات وتاريخ، فقد كانت تقرأ عليه بصوت عال. لقد كان يهتم بأمور الحياة اهتماما كبيرا؛ ولهذا فقد هناك الكثير مما يهمه في الجريدة، رغم أنه كان يسخر من الإسهاب في المجادلات، وأعتقد أنه لم يكن يقرؤها إلا إجمالا. وكان يولي السياسة قدرا لا بأس به من الاهتمام، لكن رأيه في مثل هذه الأمور كان يتشكل وفقا للظروف، لا بعد أي قدر من التفكير.
بعد قراءة الجريدة ، يحين الوقت المخصص لكتابة الخطابات. وقد كان يكتب هذه الخطابات، وكذلك مخطوطات كتبه، وهو يجلس على كرسي ضخم مصنوع من شعر الخيل بجوار المدفأة، ويسند ورقته على لوح يضعه على ذراعي الكرسي. وحين تكون الخطابات التي يجب أن يكتبها طويلة أو كثيرة، فإنه كان يمليها من مسودة يكتبها على ظهر أوراق مخطوطاته أو بروفات الطباعة، وقد كان يصعب قراءة خطه في هذه المسودات، حتى على نفسه أحيانا. وقد وضع قاعدة تقضي بالاحتفاظ ب «جميع» الخطابات التي كان يستقبلها، وقد تعلم هذه العادة من والده، وقال إنها أفادته فائدة عظيمة.
كان يتلقى خطابات عديدة من بعض الحمقى وعديمي الأخلاق، وكان يرد عليها جميعا. وقد كان يقول إنه إن لم يرد عليها، فسوف يثقل ذلك ضميره فيما بعد. ولا شك في أن الكياسة التي كان يبديها في الرد على جميع هذه الخطابات كان لها تأثير عظيم، وهو ما تولد عنه ذلك الانطباع العام الواسع الانتشار عن لطف طبيعته، وهو ما تجلى بقوة عند موته.
وقد كان يراعي مراسليه في أمور أخرى أقل أهمية؛ فحين كان يملي علي خطابا لشخص غريب على سبيل المثال، كان يقول لي في معظم الأحيان: «عليك أن تحاول الكتابة بأسلوب جيد؛ إذ إن الخطاب موجه لشخص غريب.» وعادة ما كانت تكتب خطاباته بافتراض أنها ستقرأ دون عناية؛ لذا فحين كان يملي علي، كان يحرص على إخباري بأن أبدأ أي قسم مهم بفقرة واضحة «كي تلفت الانتباه»، كما كان يقول غالبا. لكم كان يفكر في المشقة التي يعانيها الآخرون إذ يطرح عليهم الأسئلة؛ وهو ما سيتضح جيدا من خطاباته. ومن الصعب أن نقول أي شيء عن النبرة العامة في خطاباته، لكنها ستتحدث عن نفسها. ومن اللافت للنظر فيها، هي الدماثة التي لا تتغير التي كتبت بها، ولدي دليل على هذه السمة في المشاعر التي كان يكنها له محاميه السيد هاكون؛ فبالرغم من أنه لم يلتق أبي على الإطلاق، فقد كان يكن له مشاعر صداقة خالصة، وكان يتحدث بصفة خاصة عن خطاباته، على أساس أنها من النوع الذي يندر أن يتلقاه المرء في مجال الأعمال، فكان يقول: «كل ما كنت أفعله كان صوابا، وكان يشكرني شكرا غامرا على كل شيء.»
كان لديه نموذج مطبوع للرد على المراسلين المزعجين، لكنه نادرا ما كان يستخدمه على الإطلاق، وأعتقد أنه لم يجد قط فرصة مناسبة تماما ليستفيد من استخدامه فيها. أتذكر أنه قد تلقى خطابا من شخص غريب يقول فيه إنه قد أخذ على عاتقه تأييد نظرية التطور في إحدى الجمعيات النقاشية، ولما كان رجلا يافعا ومشغولا وليس لديه من الوقت ما يكفي للقراءة، فقد كان يأمل في أن يحصل على ملخص لآراء والدي. وحتى هذا الشاب العجيب قد حظي برد مهذب، لكنني لا أعتقد أنه قد حصل على الكثير من المواد لحديثه. وقد كانت القاعدة التي يتبعها والدي هي أن يشكر من يهدون له كتبا، لا نشرات. وقد كان يعبر في بعض الأحيان عن اندهاشه من قلة عدد الأشخاص الذين كانوا يشكرونه على كتبه التي كان يهديها لهم بأريحية، لكن الخطابات التي كان يتلقاها ممن يفعلون ذلك كانت تمنحه سعادة كبيرة؛ فعادة ما كان تقديره لقيمة جميع أعماله متواضعا للغاية، حتى إنه كان يندهش بوجه عام مما تثيره من اهتمام.
وأما فيما يتعلق بأمور المال والأعمال، فقد كان حريصا ودقيقا على نحو ملحوظ. كان يحتفظ بالحسابات بعناية بالغة، ويصنفها ويسويها في نهاية العام مثل أي تاجر. إنني أتذكر السرعة التي كان يصل بها إلى دفتر حساباته ليسجل أي شيك قد جرى دفعه، وكأنه في عجلة لتسجيله قبل أن ينساه. ولا بد أن والده قد جعله يعتقد أنه سيكون أفقر مما كان عليه في واقع الأمر، ولا بد أن بعض الصعوبة التي واجهها أبي لإيجاد منزل في الريف، كان يعود إلى المبلغ المتواضع الذي شعر بأنه مستعد لتقديمه لهذا الغرض. بالرغم من ذلك، فقد كان يشعر بأن أحواله المالية ستتحسن بعد ذلك؛ إذ إنه يذكر ذلك في عمله «ذكريات» على أنه أحد الأسباب التي جعلته لا يقبل على ممارسة الطب بحماس كما لو كان سيفعل لو أنه كان في حاجة ماسة لكسب عيشه منه.
كان يحب الاقتصاد في استخدام الورق، لكن ذلك كان على سبيل الهواية، لا الاقتصاد الحقيقي. كان يحتفظ بجميع ما كان يجده في الخطابات التي ترده من صفحات فارغة، ويضعها في حافظة خاصة لكي يستخدمها في كتابة الملاحظات. إن احترامه للورق هو الذي دفعه إلى كتابة هذا القدر الكثير على ظهور صفحات مخطوطاته القديمة، غير أنه بذلك قد أدى لسوء الحظ إلى تدمير أجزاء كبيرة من المخطوطات الأصلية لكتبه. وقد امتدت مشاعره تجاه الورق لتشمل المخلفات الورقية، وقد كان يعترض بنحو شبه مازح، على تلك العادة التي تتسم باللامبالاة والتي تتمثل في إلقاء أي لفافة ورقية في نار المدفأة بعد استخدامها لإشعال شمعة.
لقد كان أبي سخيا وكريما للغاية مع جميع أطفاله فيما بتعلق بالمال، ولدي سبب خاص لأتذكر لطفه، وذلك حين أتذكر الطريقة التي سدد لي بها بعض ديوني في كامبريدج؛ إذ جعل الأمر يبدو كما لو كان فضيلة مني أن أخبره بشأنه. وفي سنواته الأخيرة، وضع مخططا ينم عن لطفه وكرمه، وهو تقسيم ما يزيد عن حاجته من مال في نهاية العام على أبنائه.
كان يكن احتراما عظيما للبراعة في ممارسة الأعمال وإدارتها، وكثيرا ما كان يتحدث بإعجاب عن أحد الأقارب الذي استطاع مضاعفة ثروته. وكثيرا ما كان يقول عن نفسه مازحا إن ما كان يفتخر به «فعلا» هو أنه استطاع ادخار بعض المال، وكذلك كان يشعر بالرضا عما جناه عن كتبه من نقود. لقد كان قلقه بشأن الادخار نابعا بدرجة كبيرة من مخاوفه بألا يتمتع أبناؤه بقدر كاف من الصحة الجيدة التي تمكنهم من كسب عيشهم، وهو هاجس ظل يساوره لسنوات عديدة. وأتذكر على نحو غير واضح قوله: «أشكر الله على أنه سوف يكون لديكم خبز وجبن.» وقد كنت صغيرا للغاية حينها، فكنت أميل إلى فهمها بمعناها الحرفي.
Halaman tidak diketahui