Persembahan Solo: Kajian dan Artikel
عزف منفرد: دراسات ومقالات
Genre-genre
كانت الدنيا قد تطورت، وكان جيل آخر من كتاب المسرح قد ظهر، فتبنى بعضهم قضايا طبقية، وبالذات قضايا الطبقة الوسطى وأزماتها ومشاكلها وملهاة وجودها وتعاسته، وكان صاحب هذا الاتجاه نعمان عاشور بروايتيه: «المغناطيس» و«الناس التي تحت».
ثم جذبني المسرح بقواه المغناطيسية الخارقة، وكنت قد كتبت مسرحية من فصل واحد اسمها «ملك القطن»، وأحلت قصة «جمهورية فرحات» إلى مسرحية، ولم أكن إلى لحظتها أتصور أنهما يمكن أن تمثلا على خشبة المسرح، فذهبت بهما إلى الصديق الأستاذ أحمد حمروش، وكان آنذاك مشرفا على المسرح القومي، ومشرفا على سلسلة كتب للجميع، وطلبت منه أن ينشر المسرحيتين في كتاب للجميع، فإذا به بعد يومين يتصل بي ويقول لي: «نشر إيه ده اللي انت جاي تقول عليه؟! هذه مسرحيات لا بد أن تمثل.»
وهكذا أدرجت المسرحيتان في خطة المسرح، وفعلا جسدتا، أخرج الأولى الأستاذ الكبير نبيل الألفي، والثانية المعلم الأستاذ المرحوم فتوح نشاطي، وأشهد، أن ليلة افتتاح العرض كانت من أعنف وأخصب التجارب التي مررت بها في حياتي إلى درجة أن وقفنا أحمد حمروش وأنا نبكي في نهاية «ملك القطن»، والمرحوم شفيق نور الدين يخبط «الأرض» التي تمثلها خشبة المسرح ويقول عن القطن: «أسيبه يتحرق ازاي يا ناس؟! دا تعبي! دا شقاي! دا عمري وعرقي وعيالي!» كنا نرى هذا المشهد كل ليلة وكل ليلة يبكينا المشهد.
وقيل يومها إنني استطعت لأول مرة أن أجعل من الفلاح المصري بطلا مسرحيا، كما استطعت بعدها أن أجعل من فلاحة «الترحيلة» في «الحرام» شخصية تراجيدية ترتفع إلى مرتبة التقديس.
المهم أنني بعد هاتين المسرحيتين، ونظرا للنقد الذي وجه إليهما باعتبارهما مسرحيتين من فصل واحد، وأني قادر على كتابة مسرحية طويلة، كتبت مسرحية «اللحظة الحرجة» من ثلاثة فصول، وكانت المسرحية أيضا صدمة، فقد خاف بطلها في اللحظة التي كان يجب أن يؤدي فيها واجبه وأن يدافع عن أبيه الراكع يصلي في سلام، بينما الجندي البريطاني يشهر عليه السلاح، قيل لي أيامها كيف تجعل من الرعديد بطلا؟! ولكن الدكتور لويس عوض كان له رأي آخر فقد كتب مقالا رائعا في جريدة «الشعب» يقول عن المسرحية إنها دراسة في الخوف، خوف الغازي ممن يغزو أرضه وخوف الذي غزيت أرضه من الغازي.
ولكن بعد مسرحية «اللحظة الحرجة» توقفت لأنني أدركت أني إنما أكتب على النسق الأوروبي ولا أفعل سوى تقليد راسين وموليير وأحيانا فيدو.
وأصبح هدفي - مثلما عثرت أو اكتشفت القصة المصرية العربية القصيرة مضمونا وشكلا وطريقة - أن أكتشف مسرحنا المصري العربي المتميز داخل حياتنا.
وكتبت سلسلة مقالات في مجلة «الكتاب» عام 1963 بعنوان: «نحو مسرح مصري عربي»، مبشرا بمسرح يستوحي الواقع المسرحي الحي الذي يعيشه شعبنا من «ذكر» و«زار» وربابة شاعر، وسامر، وجلوس على المقاهي، وحتى الجنازات والمعازي، مظاهر لظواهر مسرحية، من الواجب أن نستكشفها ونحيلها إلى دراما عصرية حديثة تعبر عن ذاتنا المسرحية الخاصة، وبهذا بدلا من أن نعيش عالة على التراث المسرحي الأوروبي، نشرت المسرح العالمي بمسرحنا الخاص، وعارضني معظم النقاد في هذا الاتجاه، وقالوا: لا يوجد شكل مسرحي عربي أو مصري، وإنما الموجود شكل عالمي، ضع منه ما شئت من مضمون مصري يصبح مصريا، ولما كنت أومن أن الشكل لا ينفصل عن المضمون في العمل الفني، فقد كتبت «الفرافير» كنموذج لهذا النوع من المسرح، وكان نجاحها الجماهيري يدل على أني أسير في الطريق الصحيح.
وهكذا حدث للمسرح المصري زلزال آخر، ومن الطريف هنا أن أذكر أني عرضت «الفرافير» على جميع مخرجي مصر فكانت إجاباتهم: «هذا ليس مسرحا.» الوحيد الذي أدرك ما في داخلها من جواهر مسرحية شعبية ومصرية وعربية كان هو كرم مطاوع، وكان لا يزال قادما من بعثته في إيطاليا، وليس المهم القدوم من البعثة، المهم أن هذا الشاب مخرج موهوب قل أن ترزق مصر بمثله، إن باستطاعته أن يخرج الجريدة اليومية لو يشاء، باستطاعته أن يصنع ما يشاء.
ولكن فيه عيبا واحدا خطيرا؛ إنه يدرك هذا، ويدرك أنه كمخرج يفهم في المسرح أكثر بكثير من الذين يكتبون للمسرح (في حين أن المؤلف هو الأصل، وهو الذي لا بد أن يفهم في الإخراج والتمثيل أولا).
Halaman tidak diketahui