واستراح معتقد
شوقي
الفصل الأول
«الفلسفة» تناقش مسألة المصادفة
وكانت بصدد تغيير مجرى الحديث ليتناول مسائل أخرى عندما تدخلت قائلا: «إن نصحك لصائب ويليق تماما باسمك وجلالك، ولكنك قلت الآن إن مسألة العناية ترتبط بمسائل أخرى كثيرة أشهدها في الواقع، وأود أن أسألك هل تعتقدين في شيء من قبيل «المصادفة»
chance ، وماذا تكون؟»
قالت: «الوعد دين، وقد وعدتك وعدا لن أهدأ حتى أفي به، وحتى أرشدك إلى الطريق الذي تعود منه إلى وطنك الحق، ولكن هذه المسائل، على أهمية الإلمام بها، خارجة عن موضوعنا بعض الشيء، وأخشى أن يجهدك الاستطراد فيها فتكل عن إكمال المسيرة.»
فأجبت: «لا تخشي شيئا من ذلك، ستكون هذه الاستطرادات أشبه باستراحات لي تطرفني بما أنا مولع به أشد الولع، ولا عليك من عواقب أي شيء ما دامت حجتك تقف ثابتة لا تنالها الشكوك من أي جانب.»
قالت: «سأصدع لطلبك»، وهكذا شرعت في الحديث: «إذا كانت المصادفة تعني أن ينجم حدث ما بحركة عشوائية ومن دون أية رابطة سببية، فمن المؤكد أنه ليس ثمة شيء من قبيل المصادفة، وفيما عدا تحديد معالم المسألة التي نحن بصددها فلا معنى لهذه اللفظة على الإطلاق، فإذا كان الله قد أسبغ النظام على الأشياء جميعا فلا مجال لأحداث عشوائية، إنه لمبدأ صحيح أن «لا شيء يأتي من لا شيء»
ex nihilo nihil fit ، ولقد كان القدماء جميعا يسلمون به وإن كانوا يستخدمونه كمبدأ لفلسفتهم الطبيعية يشمل كل ما يتصل بالموضوعات المادية ولا يشمل العلل الفاعلة، فإذا كان لشيء ما أن يحدث بلا سبب فمن البين أنه يأتي من لا شيء وهو محال، ومحال أيضا أن تكون هناك مصادفة بالمعنى الذي أشرت إليه الآن.»
Halaman tidak diketahui