240

وإذا كان بعدا لم يجز أن يكون عرضا ؛ لتوارد المتمكنات عليه ، ولا ماديا ، وإلا يلزم تداخل الجواهر المادية.

فهو إما السطح الباطن من الجسم الحاوي ، المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي ، وإما البعد المجرد المنطبق على مقدار الجسم بكليته ، ولا استبعاد في وجود البعد المجرد بعد التصديق بوجود الصور الخيالية والمنامية المعلومة بالضرورة ، وأن في الوجود عالما مقداريا محيطا بهذا العالم ، لا كإحاطة الحاوي للمحوي ، بل كإحاطة الطبيعة للجسم ، والروح للبدن ، كما مرت الإشارة إليه ، وسيأتي البرهان عليه ، غاية الأمر أن ذلك مما ليس بقابل للإشارة الحسية ، والمكان قابل لها بتبعية المتمكن ، ويتعين بتعينه ، ولا ضير في ذلك.

وأما حديث امتناع التداخل فقد عرفت أن ذلك مختص بالماديات.

وأيضا فإذا توهمنا خروج الماء من الإناء مثلا وعدم دخول الهواء فيه يلزم أن يكون البعد الثابت بين أطراف الإناء موجودا.

وأيضا فإن كون الجسم في المكان ليس بسطحه فقط ، بل وبحجمه ، فيكون كالجسم ذا أقطار ثلاثة ، فهو إذن ليس إلا البعد.

* أصل

كل جسم فله حيز طبيعي من ربه ، يطلبه عند الخروج عنه بأقرب الطرق ؛ لأنا إذا لا حظنا الجسم وقطعنا النظر عن تأثيرات الأمور الخارجة عن ذاته لكان في حيز معين لا محالة ، وإذ لا قاسر فهو إنما يستوجبه لذاته وطبيعته المستفادة من ربه.

Halaman 260