141

وجود ، أو صفة ، أو إرادة ، أو آلة ، أو مصلحة ، أو غيرها ، لم يكن ما فرض علة علة ، بل العلة إنما هي ذلك المجموع ، ثم الكلام في ذلك المجموع كالكلام في المفروض أولا علة ، إلى أن ينتهي إلى أمر يكون هو لذاته وجوهره علة ، فعلية كل علة تام العلية بذاته وسنخه ، لا بأمر عارض لها ، فمعلولها لا محالة من لوازمها الذاتية المنتزعة عنها ، المنتسبة إليها بسنخها وذاتها.

* وصل

وكما أن وجود العلة التامة مستلزم لوجود المعلول ، فكذلك عدمها ، أو عدم جزء منها ، مستلزم لعدم المعلول ، وكما أن معنى تأثير العلة في وجود المعلول أن يبدع أمرا هو المسمى بالوجود فينتزع منه ماهية ما ، كما أشرنا إليه من قبل ، وسنبينه عن قريب ، فكذلك تأثير عدمها في عدم المعلول أن لا يبدع أمرا كذلك ، فعدم العلة وإن كان نفيا محضا في طرف العدم ، إلا أن له حظا من الثبوت بحسب ملاحظة العقل ، فإن العقل من شأنه أن يتصور لكل أمر مفهوما ، ويجعل ذلك المفهوم عنوانا ، سواء كان وجودا أو عدما ، إلا أن تمايز الأعدام إنما يكون باعتبار الملكات ، فالعقل يتصور أشياء متمايزة يصح أن يحكم عليها بالعلية والمعلولية ، وغيرهما من الأحكام والأحوال ، وذلك القدر من الثبوت كاف في الترجيح العقلي ، والحكم باستتباع عدم العلة لعدم المعلول.

Halaman 161