220

============================================================

2 وقد قال الله تعالى : تنبيها على خلوصى ما لله وحراسته من الشوائب (إنما ثطعمكم لوجه الله لا ثريد منكم جزاء ولا شكورا"(1) .

فلا ينبغى للشيخ أن يطلب على صدقته جزاء، إلا أن يظهر له فى شىء من ذلك علم يرد عليه من الله تعالى فى قبول الرفق منه، أو صلاح يتراءى للشيخ فى حق المزيد بذلك، فيكون التليس بماله والارتفاق يخدمته لمصلحة تعود على المريد ، مأمونة الغائلة من جانب الشيخ ، قال الله تعالى: (يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلو ويفرج أضغائكم)(2). ومعنى يحفكم : أى يجهدكم ويلح عليكم.

قال قتادة : علم الله تعالى أن فى خروج المال إخراج الأضغان. وهذا تسأديب من الله الكريم . والأدب أدب الله.

قال جمفر الخلدى : جاء رجل إلى الجتيد، وأراد أن يخرج عن ماله كله، ويجلس معهم على الفقر، فقال له الجنيد: لا تخرج من مالك كله، احبس منه مقدار ما يكفيك، وأخرج الفضل، وتفؤت بما حبست، واجتهد فى طلب الحلال، لا تخرج كل ما عندك، فلست آمن عليك أن تطالبك نفسك .

وكان النبى أفضل الصلاة والسلام عليه إذا أراد أن يعمل عملا تثبت ، وقد يكون الشيخ يعلم من حال المريد أنه إذا خرج من الشىء يكسبه من الحال ما لا يتطلع به إلى المال، فحينثذ يجوز له أن يفسح للمريد فى الخروج من المال، كما فسح رسول الله لأبى بكر وقبل منه جميع ماله.

ومن آداب الشيوخ : إذا رأى من بعض المريدين مكروفا، أو علم من حاله اعوجاجا، أو أحس منه بدعوى، أو رأى أنه داخله غجب : أن لا يصرح له بالمكروه، بل يتكلم مع الأصحاب وبشير إلى المكروه الذى بعلم، ويكشف عن وجه المذمة مجمسلا، فتحضل بذلك الفائدة للكل، فهذا أقرب إلى المداراة، وأكثر أثرا لتألف القلوب .

وإذا رأى من المويد تقصيرا فى خدمة تديه إليها : يحمل تقصيره، ويعفو عنه ويحرضه على الخدمة بالرفق واللين: (1) آية رقم 9 من سورة الإنسان (2) آية رقم 37 من سورة محمد

Halaman 220