الزط
أما الزط فهم المعروفون بالنورة،
7
وقد قال ابن خلدون عنهم: إنهم قوم من أخلاط الناس غلبوا على طريق البصرة وعاثوا فيها وأفسدوا البلاد.
أما نحن فلا نستطيع من ناحيتنا أن نسلك هؤلاء القوم في سلك أصحاب الثورات، أو الخارجين على الخليفة لنحلة دينية أو مذهب سياسي، وإنما هم طائفة من هنود آسيا كانوا يسكنون شواطئ الخليج الفارسي، قد وجدوا به حين اضطراب الأمن في أطراف الدولة وضعف سلطان الحكومة، وانصراف القائمين بتدبير الشئون العامة إلى أمر الفتنة القائمة بين الأمين والمأمون التي انتهزها الزط وأمثال الزط فرصة للسلب والنهب والعيث في الأرض فسادا، فتجمعوا واستولوا على طريق البصرة، فهم بقرصان البحر وقطاع الطرق أشبه منهم بالثائرين وأصحاب المبادئ.
ويظهر أنهم كما يقول الأستاذ المرحوم محمد الخضري بك: كانوا إذا أخرجهم الجند تفرقوا في تلك الفيافي، فإننا نرى المأمون يكلف غير مرة أكثر من قائد أمر القضاء عليهم، ثم نراهم لا يزالون يعيثون في الأرض فسادا حتى السنة الأولى من عهد المعتصم الذي كلف أحد قواده، عجيف بن عنبسة، القضاء عليهم، فاهتم عجيف بحربهم وضيق عليهم طريق البر والبحر وحصرهم من كل وجه، ثم حاربهم وأسر منهم نحو خمسمائة رجل، وقتل منهم نحو ثلاثمائة، وقطع رءوس الأسرى وبعث بالرءوس جميعا إلى المعتصم، وجد في حربهم حتى اضطرهم إلى التسليم، فإذا عدتهم سبعة وعشرون ألف شخص بين رجل وامرأة وصبي، وكان من هذا العدد اثنا عشر ألف مقاتل، ثم حملهم في السفن إلى بغداد، فمروا على المعتصم بأبواقهم وهيئتهم الحربية ثم نقلوا آخر الأمر إلى قرية تسمى عين زربة.
8
وقد ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 241ه في عهد المتوكل أن الروم أغارت على عين زربة هذه فأخذت من كان فيها أسيرا من الزط مع نسائهم وذراريهم وذويهم.
ثورة مصر
أما مصر فقد كانت مسرحا للقلاقل والفتن، وكان رأس الفتنة وزعيمها عبيد الله بن السري بن الحكم الذي عظم خطره باشتغال عبد الله بن طاهر بمحاربة نصر بن شبث وإخضاعه، ومما زاد في اضطراب النظام في مصر قدوم جماعة من أفاقي الأندلس إلى الإسكندرية يحدثنا عنهم الطبري بقوله: حدثني غير واحد من أهل مصر أن مراكب أقبلت من بحر الروم من قبل الأندلس فيها جماعة كبيرة أيام شغل الناس قبلهم بفتنة الجروي وابن السري، حتى أرسوا مراكبهم بالإسكندرية، ورئيسهم يومئذ يدعى أبا حفص، فلم يزالوا بها مقيمين حتى قدم عبد الله مصر.
Halaman tidak diketahui