كان لم تغب عن بلدة كان واليا
عليها ولا التدبير منك يغيب
تتبع ما يرضيك في كل أمره
فسيرته شخص إليك حبيب
ورثتم بني العباس إرث محمد
فليس لحي في التراث نصيب
فلما وصلت هذه الأبيات إلى الرشيد أمر لأبي محمد بخمسين ألف درهم، ولابنه محمد بن أبي محمد بمثلها. •••
وبعد، فليس من شك في نجابة المأمون وتبريزه، ولعل هذه النجابة الخارقة كانت من الأسباب التي حملت الرشيد على أن يستوثق له الأمر في ولاية العهد من أخيه، ولأخيه منه، فجمعهما في بيت الله الحرام حين حج عام ست وثمانين ومائة، ومعه كبار رجال الدولة وجل الظاهرين من الأسرة المالكة، واستكتب كليهما عهدا بما له وعليه قبل الآخر، وأشهد عليهما جماعة من ذوي المكانة والنفوذ، ثم علق العهدين في الكعبة، ليكونا في مكان الاحترام الديني، وقد أثبتنا لك العهدين في باب المنثور من الكتاب الثالث في مجلدنا الثالث.
نقول: لعل هذه النجابة الخارقة كانت من الأسباب التي حملت الرشيد على أن يفعل ما فعل من استيثاق الأمر بين الأخوين؛ خوفا على المأمون ومنه.
ولسنا ننكر أن من جملة تلك الأسباب ما يصح افتراضه من أن الرشيد كان يقدر قوة حزبي المأمون والأمين، وبعبارة أخرى: حزبي الفرس والعرب، أو العلوية والهاشمية، أو الشيعية والسنية.
Halaman tidak diketahui