وسمع خطوات أمه قادمة فلعن مخاوفه ومرق من الخوف إلى التحدي. جلست على ديوان يتوسط الحجرة بوجه شاحب. أرعشت بيدها مروحة عاجية بحركة عصبية، فوردت ذهنه فكرة غريبة بأن معجزة أمه ستتحطم على يديه. وقالت عين بصوت متهدج: ماذا ينقص هذا البيت؟
وتريثت قليلا ثم أجابت نفسها: يتلى فيه القرآن، يعبقه البخور، ترعاه الحسنات والنوايا الطيبة، فكيف يندس الشيطان في أركانه؟!
آه ... لقد وقعت الواقعة ... وعليه أن يتظاهر بمواصلة القراءة.
وتساءلت عين بأسى: ألم تشعر بوجودي بعد؟
فتساءل ببلاهة: ماذا؟ - ألا تخمن ما ورائي من حزن؟
أغلق الكتاب ونظر إلى تهاويل السجادة الفارسية في استسلام. - ما هذا الذي كاشفتني به أم سيدة؟
فشحب وجهه ولم ينبس. تأوهت قائلة: لم أعذبك؟ ... لا معنى للتأنيب بعد فوات الوقت.
رأى بوضوح - ربما لأول مرة - مبخرة فضية محمولة بساقين من النحاس تستقر أسفل ستارة أرجوانية. - اسمع يا بني، لست أول شخص يعبث به الشيطان، وما يهم حقا هو تصرفنا بإزاء ما نرتكب من أخطاء.
وتنهدت بصوت مسموع وقالت: نحن أغنياء، ولكن لا قيمة لذلك، وإنما قيمة الإنسان تتحدد في علاقته بربه، غير أننا نحاسب على قدر قوتنا.
وجد نفسه ينزلق في طريق وحيد مسدود.
Halaman tidak diketahui