من نساطرة ويعاقبة وملكيين وعلى علماء الصابئة.
سادت اللغة العربية بفضل الخلفاء العباسيين، وانتشرت في طول البلاد وعرضها، وأحرزت قصبة السبق على سائر اللغات، حتى عجز الروم غربا والفرس شرقا والسريان شمالا عن مصادمة تيارها. ومما لا سبيل إلى إنكاره أن الفرس أصبحوا أثناء النهضة العربية يستصعبون إيراد كلمة فارسية أو بيت من الشعر الفارسي في كتاباتهم إلا على سبيل الاستطراد أو الاستشهاد.
5 (3) إنشاء المدارس والمكتبات في العصر العربي الذهبي
تذوق العرب لذة الحضارة؛ فارتقت أحوالهم، ورقت طباعهم، وانسجمت عباراتهم، وما لبثوا أن أهملوا استعمال الغريب في محادثاتهم، ونبذوا وحشي الألفاظ في كتاباتهم، واستأثروا بالفصيح البليغ في مخاطباتهم وتصانيفهم، وشرعوا يؤسسون في كل صقع من أصقاعهم مدارس عالية ومكتبات غنية فاخرة، فابتنوا «بيت الحكمة» ببغداد، و«مدرسة طليطلة» بالأندلس، ثم شادوا «دار العلم» بالقاهرة على أسلوب أشار إليه الفيلسوف باكون.
6
ومما يجدر بالذكر أن أحد وزراء الدولة العباسية تبرع إذ ذاك بمائتي ألف دينار لعمارة كلية علمية في بغداد، وخصص بنفقاتها حولا بعد حول خمسة عشر ألف دينار. وقد احتشد فيها ستة آلاف طالب لا فرق بين غنيهم وفقيرهم، وقريبهم وبعيدهم.
على هذا النمط انتشرت المدارس والمكتبات في المدن والدساكر، وأضيفت إليها كتاتيب لا تحصى بجوار الترب والجوامع؛ فتيسرت دواعي التثقيف والتهذيب للخاصة والعامة. (4) تنشيط الكتاب إلى الترجمة والتأليف في العصر العربي الذهبي
تجلى للخلفاء أيام عزهم أن النهضة العربية لن تقوم ولن تبلغ ذروة الكمال إلا بإنعاش الثقافة وتعميمها بين طبقات الأمة جمعاء، فأخذوا يبحثون عن جهابذة مشاهير وتراجمة ماهرين يركن إلى خبرتهم وأمانتهم في تحقيق تلك الأمنية.
ثم اصطفوا وفودا متضلعين من العلوم واللغات وبعثوهم إلى بلاد الروم وأقاصي الهند وغيرها؛ للتنقيب عن الكتب النفيسة واستحضارها إلى العاصمة.
7
Halaman tidak diketahui