القضية المضادة: ليس ثمة ما هو بسيط، بل إن كل شيء مركب. (3)
القضية: في العالم علل عن طريق الحرية.
القضية المضادة: ليست ثمة حرية، بل كل شيء طبيعة. (4)
القضية: يوجد في سلسلة علل العالم موجود ضروري.
القضية المضادة: ليس في هذه السلسلة شيء ضروري، بل كل ما فيها عرضي. (القسم 52) : تلك هي أغرب ظواهر العقل البشري، وهي ظاهرة لا نظير لها في أي استخدام آخر لهذا العقل. فإذا ما تصورنا ظواهر العالم المحسوس كما يحدث عادة، على أنها أشياء في ذاتها، وإذا ما نظرنا إلى المبادئ الرابطة بينها على أنها مبادئ تصح على نحو مطلق على الأشياء في ذاتها لا على التجربة فحسب، وهو ما يحدث عادة - بل هو ما يكون، لولا «نقدنا» أمرا لا مفر منه - فهنا ينشأ تعارض لا يمكن إزالته بالمنهج التوكيدي المعتاد؛ إذ إن من الممكن الإتيان ببراهين متساوية الوضوح والبداهة والإقناع على القضية والقضية المضادة معا - وأنا كفيل بصحة هذه البراهين جميعا - وهكذا يدرك العقل أنه منقسم على نفسه، وهي حالة يضطرب لها الشكاك، ولكنها لا بد أن تدفع الفيلسوف النقدي إلى التأمل وتبعث فيه القلق. (القسم 52 باء) : إن المرء يستطيع أن يرتكب في الميتافيزيقا عديدا من الأخطاء دون أن يخشى أن يكشف خطؤه، فلو اقتصر على تجنب مناقضة ذاته، وهو أمر ممكن جدا في القضايا التركيبية التي هي في الآن نفسه غير مستندة إلى أساس من الواقع، فإن من المحال أن تناقضنا التجربة في جميع الحالات التي تكون فيها التصورات التي تربط بينها أفكارا لا يمكن أن تعطى، من حيث محتواها الكامل، في التجربة. إذ كيف نقرر، عن طريق التجربة، إن كان العالم أزليا أم له بداية، وإن كانت المادة منقسمة إلى ما لا نهاية أو تتألف من أجزاء بسيطة؟ إن مثل هذه التصورات لا يمكن أن تعطى في أية تجربة، مهما كان اتساع نطاقها، وعلى ذلك فمن المحال كشف بطلان القضية الإيجابية أو السالبة بهذا المعيار.
والحالة الوحيدة التي يستطيع العقل فيها أن يكشف رغم إرادته عن ديالكتيكه الخفي، الذي ينظر إليه خطأ على أنه محتواه التوكيدي، هي تلك التي يمكنه فيها أن يبني تأكيدا على مبدأ معترف به اعترافا شاملا، ويستنبط عكسه تماما بأدق استدلال منطقي من مبدأ آخر مسلم به بنفس القوة، وهذه بالفعل هي الحال ها هنا، بالنسبة إلى أفكار العقل الطبيعية الأربع، التي تسفر من ناحية عن أربعة تأكيدات، ومن الناحية الأخرى عن أربعة تأكيدات مضادة، يتلو كل منها، دون تخلف، من مبادئ معترف بها اعترافا شاملا. وهكذا تكشف هذه الأفكار عن الخداع الديالكتيكي للعقل الخالص في استخدامه لهذه المبادئ، وهو الخداع الذي لولا ذلك لظل مختفيا إلى الأبد.
وإذن فها هنا اختبار حاسم يؤدي حتما إلى كشف أي خطأ مستتر يختفي بين ثنايا مصادرات العقل؛
10 ⋆
فالقضيتان المتناقضتان لا تكونان باطلتين ما، إلا إذا كان التصور الذي ترتكزان عليه باطلا.
مثال ذلك أن القضيتين «الدائرة المربعة مستديرة» و«الدائرة المربعة ليست مستديرة» باطلتان معا؛ في الأولى يستحيل أن تكون هذه الدائرة مستديرة؛ لأنها مربعة، ولكن يستحيل أيضا ألا تكون مستديرة؛ أي أن تكون لها زوايا؛ لأنها مستديرة. ذلك لأن المعيار المنطقي لاستحالة تصور ما هو أن يكون افتراضه مؤديا إلى إمكان بطلان قضيتين متناقضتين معا، ومن ثم، فلما كان من المحال تصور قضية وسط بينهما، فإن هذا التصور لا يكون منطويا على أي شيء. (القسم 52ج) : ومثل هذا التصور المتناقض هو أساس النقيضتين الأوليين، اللتين أسميهما بالرياضيتين؛ لأنهما تتعلقان بجمع المتجانس أو قسمته، وعلى هذا النحو أفسر اشتراك القضية والقضية المضادة معا في البطلان.
Halaman tidak diketahui