فبدلا من أن أتقاضى من الشركات الأجنبية أموالا تنتفع بها الدولة لأعلن عن سجائرهم، أمتنع عن ذلك محافظة على صحة الشعب.
فأنا إذن رفضت المال في سبيل صحة الشعب، وهذا شيء رائع عظيم.
ولكن الدولة نفسها التي صنعت هذا، والتي تعففت في اعتزاز الحريصين على مصالح شعبهم، تبيع للشعب نفسه وليس لشعب عدو، ولا لشعب آخر سجائرهم مدعومة بأموال الشعب.
إنني أتحدى أي اقتصادي أو عالم اجتماعي أو طبيب أو إنسان يستقيم فكره بعض الاستقامة أن يشرح لي هذه الألغوزة التي تتشابك سوانحها وموانعها وبلواؤها وأضاحيكها بهذه الصورة التي لا صلة لها بعقل آدمي.
ونسمع عن شركات أجنبية عرضت أن تقوم بأعمال النظافة في مصر، فإذا بمن يقول إن هذا تدخل أجنبي. وتلك عجيبة من عجائب الزمن يزيدها سخرية أن نجد المطار قد عهد في نظافته إلى شركات أجنبية.
أيكون المطار ليس مصريا، أم هو ذلك الرعب من أصحاب الحمير حاملي القمامة؟
إن الشعب إذا لم يشعر أن حكومته رشيدة، وأنها تصدر في كل ما تفعله عن الرأي السديد الذي يؤدي إلى المصلحة العليا استهان بها، وويل لحكومة يستهين شعبها بها.
ولقد رأيت السعودية وهي تعهد لشركات أجنبية لتتولى النظافة فيها، وشهدت النجاح الباهر الذي حققته تلك الشركات. وما سمعنا أن هناك غزوا حدث من هذه الدول للسعودية. وبعد؛ فكل هذا الذي نقول قديم، والذي لم نقله أكثر مئات المرات، ولكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل! وقد تعدلت الحكومة فمن حقها علينا أن نذكرها ببعض ما نفكر فيه، ومن حقنا عليها أن تكون صادقة مع ربها ونفسها لتكون صادقة مع شعبها. وأذكر قول الشاعر:
منى إن تكن حقا تكن أعذب المنى
وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا
Halaman tidak diketahui