Kekasih Badwi
العاشق البدوي
Genre-genre
آدم يعمل موظفا صغيرا في شركة نقل تخص إحدى نساء الأعمال الثريات، وأنا دخلت عدة معاينات للعمل كمهندسة ديكور أو مصممة أو حتى معلمة للرسم والتلوين في مدرسة من المدارس، ولكن لم أوفق في ذلك. فكرت بصورة جادة أن أعمل لحسابي الخاص في المجال الذي لي باع فيه، وهو مجال النحت، وأن أعمل عملا صعبا ولو أنه شاق، ولكن حقيقيا ويشبع حاجتي وتطلعي الفني، ولا أنتظر عائدا ماديا في القريب العاجل وأن أبدأ العمل في كهوف مايا زوكوف.
أستخدم الحجارة الجيرية والترسبية والرخام الجميل الذي يتميز به ذلك الموقع، وطرحت الفكرة لآدم فاقتنع بالفكرة وطرحناها على مايكل، القديسة، نوار سعد، أمين وسابا، فأكدوا أنها فكرة شجاعة، وكونا صندوقا سريعا لشراء معدات النحت، قطع الحجارة وصقلها ومواد الطلاء، وقمنا برحلة لمعاينة المكان وتحديد موقع العمل. وجدنا كمال زكريا وفرقته يعملون في جد في صيانة الكهوف وإعادة طلاء ما أتلفته النار التي كان يوقدها البوليس في عهد الظلام لأغراض الإضاءة والطعام والتعذيب أيضا. اخترنا موقعا مواجها للكهف الكبير، حيث نصب الحدأة التي تحلق عاليا صوب الحزن.
وسميت المرسم بيت الأمل، أول قطعة رخام كبيرة بدأت في نحتها كانت تزن طنا كاملا، لونها أحمر متدرج نحو الوردي، الفكرة الأساسية هي أن أشكل عصرين؛ عصر بدأ منذ 89 واستمر إلى 2004، وينطلق نحو أسئلة كثيرة قد تكون متناقضة وقد تتوافق، ولكنها تمثل فيه تأثير النظام العالمي الجديد في واقع الحياة في البلاد الكبيرة، وأريد أن أعبر بالذات عن هذه الحرية التي نعيشها اليوم، الحرية الطلقة، حيث الضمان الوحيد لاستمراريتها أمريكا؛ لأنها لم تأت بنضال الشعب في مؤسساته الوطنية الرسمية، أو مؤسسات المجتمع المدني، أو مجاهدات مثقفيه، أو حتى اقتناع السلطة الحاكمة بجدوى الحرية والديمقراطية والحكم المدني ومؤسسيه وحقوق الإنسان. أريد أن أعبر عن كل ذلك، فأخذت أنفذ الدراسة تلو الدراسة، أمزق وأناقش الناس وأتأمل الحال، وذهبت مرات عدة إلى كلية الفنون الجميلة والتطبيقية، وطرحت سؤالا للطلاب وطلبت الإجابة عليه نصا أو تخطيطا أو تكوينا مرسوما، فتحصلت على أشكال قبيحة سطحية لا تحمل أي بصمة خاصة بجيل أو مدرسة أو شخص أو حساسية، مجرد إحساس، كانوا يقلدون أو يرسمون وفي أذهانهم أساتذة لا غير.
قلت لهم: ارسموا بأحاسيسكم أنتم؛ حيث كنتم شهودا على عصر مظلم مضى وزمن جميل يأتي، قالت لي إحداهن: يا أستاذة، نعم هنالك عهد قبيح مضى، ولكن عصر قبيح أتى أيضا، أقبح نعيشه الآن، ثم أنشدت:
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد.
وكان هذا ما أخاف منه بالضبط. قلت لها محاولة أن أعرف منها أكثر: والسلام؟ - السلام اللي بين الحركة والحكومة، أم ما بين الشمال والجنوب، ولا الشمال ولا الغرب ولا بين سكان دارفور من عرب وحكومة من جهة، وفور زغاوة ومساليت وداجو وآخرين من جهة أخرى، أي سلام؟ هل نضع جبال تلشي في الحسبان وحزب المؤتمر الشعبي والوطني؟ أنا لا أفهم يا أستاذة، أضيفي بعد دا كله إلى الانقلابات الكاذبة!
قلت لها بوضوح: أنا أيضا لا أفهم.
الآن اكتشفت فائدة المعتقل والسجن والتعذيب الذي نلته في الفترة الماضية، إنه يجعلك أكثر حساسية للتغيير الذي يطرأ ولو كان تغييرا طفيفا نحو الأحسن، وهؤلاء الذين لم يدخلوا جحيم العهد الماضي لا يستمتعون بجنة هذه الأيام، الذين لم يعتقلوا لا يميزون هامش الحريات، ولا يعرفون أسماء الملائكة، كان الطلاب متشائمين، وأشارت لي بنت صغيرة جميلة سوداء لها عينان كبيرتان إلى تمثال من الأسمنت قام بنحته كمال زكريا كمشروع للتخرج منذ سنوات كثيرة مضت، وهو عبارة عن عنكبوت كبير على رأس رجل، يقبض عليه بأطرافه بقوة، آكلا من جلد فروة رأسه، مسيطرا عليه سيطرة كاملة ونهائية، والرجل لا يفعل شيئا سوى الصراخ، قالت: شايفة يا أستاذة. دي هي الحكومة بالأمس واليوم وغدا، واللي يصرخ دا هو الشعب.
بدأت النحت على قطعة الرخام بعد ذلك مباشرة بدون أية اسكتشات، أو دراسات أو أفكار مسبقة، أطلقت الحرية ليدي والأزميل والشاكوش يفعلون فعلهم الأول، ثم بعد ذلك أبدأ بتوجيه الشكل، وهي طريقة استخدمتها من قبل عندما تكون لدي الفكرة ولا يغيب عني الشكل المعبر عن الفكرة، في تلك الفترة تم إعادة التيار الكهربائي إلى الكهوف، مما سهل العمل الليلي على ضوء الكشافات الكبيرة، كان آدم يرافقني في العمل بعد الدوام الخاص به في الشركة، كان متخصصا في التلوين، وله معرفة عميقة باللون صناعة واستخداما ودلالات.
Halaman tidak diketahui