Casal Musaffa
العسل المصفى من تهذيب زين الفتى في شرح سورة هل أتى - الجزء1
Genre-genre
من ربنا يوما عبوسا قمطريرا وذلك لأنا نعلم جلال الله وعظمته ما لا تعلمون فنخافه ولا نسكن إلى ما تقولون، فنخافه ونرجوه ونتضرع إليه وندعوه، فهنالك ابتلي السرائر ويكشف الضمائر.
وإنما قال: يوما عبوسا لأن من يشاهده كلح وجهه لشدته وصعوبته والصدقة جنة من البلاء.
فوقاهم الله شر ذلك اليوم أي فصانهم الله بما أضمروا وأخلصوا ولم يعجبوا بفعلهم وصبروا، ولقاهم نضرة وسرورا لأنهم لقوا السائلين بشرا وحبورا وجزاهم بما صبروا على الجوع والمرارة وآثروا السائلين على أنفسهم جنة وحريرا متكئين فيها على الأرائك [أي] على السرر المحجلة لا يرون فيها شمسا لأن الصدقة ظلهم ولا زمهريرا لأن الوفاء بالطاعة يحلهم، جزاء لإيثارهم السائل على أنفسهم، ودانية عليهم ظلالها [أي] ظلال الشجرة قريبة عليهم وذللت قطوفها تذليلا فابتدأ الله/ 125/ سبحانه بذكر الكأس والشرب جريا على عاداتهم في التمتع والتلذذ، من العجم والعرب.
ثم ذكر العين لأنها كانت عزيزة فيهم لكثرة القلب والآبار، وقلة وجود العيون والأنهار، فإذا ذكر الكأس والشراب، يذكر بعد ذكرها المجلس والمسرة فقال:
وجزاهم بما صبروا .
ثم ذكر اللباس والثياب فقال بعد ذكر الجنة: وحريرا لأنهم كانوا أرباب الأصواف والأشعار والأوبار.
ثم ذكر الاتكاء وهو من أفعال ملوكهم فقال: متكئين فيها على الأرائك لأنهم كانوا أرباب الأسفار والأهجاع، وذكر الأرائك لأن الحجلة لم تكن من عادتهم وقد كانوا يرونها لملوكهم إذا وفدوا عليهم.
ثم قال: لا يرون فيها شمسا لأنهم كانوا أرباب الفيافي والصحاري، لا أرباب القصور والمدن.
ثم قال: و[لا] زمهريرا على المقابلة والمجازاة وإن كانوا بين الحرارة والسموم لأنهم كانوا يفدون على الملوك في الديار الباردة من أرض العجم والروم
Halaman 106