فأما قوله تعالى: هل أتى على الإنسان فإن معناه ألم يأت على الإنسان حين من الدهر وقد كان شيئا، أي قد أتى على الإنسان حين من الدهر وقد كان شيئا إلا أنه كان ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح ولم يكن قبل نفخ الروح فيه شيئا مذكورا.
يجوز أن يعني [الله تعالى] به آدم (عليه السلام) ويجوز أن يكون المعني به جميع الناس لأنهم كانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا إلى أن صاروا شيئا مذكورا.
فإن قيل: ما أصل الإنسان وكيف سمي به؟ قلنا/ 82/: روي عن ابن عباس أنه قال: إنما سمي الإنسان [إنسانا] لأنه عهد إليه فنسي فيكون أصله من النسيان.
وعند الفراء يجوز أن يكون أفعلانا من نسي فيكون الأصل أنسانا؟ قال:
والدليل على هذا أنهم يقولون في تصغيره: أنيسيان وأنيسين.
وقيل أصله [من] الأنس والتأنس؟ والناس محذوف منه فاؤه وأصله أناس مثل غراب، وقد جاء في الشعر الأناس، قال الشاعر:
إن المطايا يطلعن
على الأناس الامنينا
ثم يكون فعلانا من الإنس.
وقيل: أصله النوس وهو الحركة، يقال: ناس ينوس نوسا، إذا تحرك، ومن نوس القرط، واحتجوا في ذلك بقول العرب في تصغيره: «نويس».
و[أما قوله تعالى]: وأناسي كثيرا [49/ الفرقان: 25] [فهو] جمع أنسي مثل كرسي وكراسي.
ويجوز أن يكون جمع إنسان فيكون الياء بدلا من النون والأصل أناسين مثل سرحان وسراحين، ويقال: ثم ناس وأناس، ويقال: أناسي بالتخفيف وأناسيه.
وطيء تقول: «ما رأيت إيسانا» بالياء أي إنسانا ويجمعونه على أناسين.
وفي كتاب الله عز وجل: يس والقرآن الحكيم قيل: هو بلغة طيء.
والإنس ضد الجن واحده إنسي كقولك: جني وجن، ورومي وروم، ويجمع [على] إنسان وأناس.
ويقال: هم أنس فلان أي الذين يستأنس إليهم، وكم من إنس رأيت في هذه
Halaman 74