فقالت وهي تنهض: «فخامة السلطان، أود أن أسأل عن أمر واحد قبل أن أنصرف.»
فهز رأسه لها كي تستمر. «كنت أفكر مؤخرا في حادث السفينة المروع.»
هز عبد الحميد رأسه. كان ذلك الحادث قد اكتسب أهمية جديدة في الأسابيع الماضية، وانتهى تحقيق القيصر في الأمر إلى أن التصادم ربما يكون عملا تخريبيا متعمدا. وطالبت سانت بطرسبرج بتعويض مادي لوفاة الجنرال، قدره خمسون ألف جنيه، وهددت أيضا برفع دعوى ما لم تستدرك الشكوى بدفع التعويض. كان السلطان على استعداد لدفع ضعف ذلك المبلغ سرا، ولكن أحدهم قد سرب مطلب القيصر إلى الصحف، ولو دفع التعويض علنا فسوف يبدو ضعيفا، وسوف يصطف الجميع مطالبين بالتعويض. وإذا لم يدفع، فسوف يجد القيصر حجة أخرى لإعمال سيفه وشن الحرب.
فقال: «كانت مأساة مروعة، فقدا مأساويا للحياة، ولكن ماذا بوسعنا أن نفعل الآن؟ وماذا كان بإمكاننا أن نفعل؟ لقد أرسلت تعازي الشخصية إلى عائلات الضحايا وإلى حكوماتهم، وحضر جمال الدين باشا جنازة نائب القنصل الأمريكي والسفير الفرنسي، بل إننا اتخذنا إجراءات لتدخل سرية بحرية إلى البوسفور كي تنقل جثمان نائب القنصل إلى نيويورك. وقدمت للروسيين الفرصة نفسها بالنسبة إلى جنرالهم، ولكنهم رفضوا.»
فقالت والدته: «بالطبع إنها مأساة، وقد فعلت كل ما كان بوسعك فعله. إنني أتساءل عما إذا كنت تراه حادثا.»
ثمة عدد من نظريات المؤامرة التي تحيط بالقصر. وكان قد استمع لتوه إلى نظرية الصدر الأعظم المتمثلة في أنها مؤامرة بريطانية لإخافة الأمريكيين وجذب الانتباه بعيدا عن بروسيا، ولم يكن في مزاج يسمح له بالانتظار حتى تنتهي والدته من الحديث.
فقال وهو لا يخفي ضيقه: «نعم، أعتقد أنه كان حادثا. فماذا يمكن أن يكون غير ذلك؟»
فقالت وهي تنظر خلفها: «أعتقد أنه كان عملا تخريبيا خطط له ونفذه القنصل الأمريكي نفسه.»
فأصدر السلطان صوتا معبرا عن السخرية وعدم التصديق. كان معتادا على نظريات المؤامرة الخاصة بوالدته، ولكن ذلك كان منافيا للعقل تماما. «ولم يغرق الأمريكيون سفينتهم؟ ولم يقتلون نائب قنصلهم؟»
فقالت وهي تبتسم بحياء: «ليس الأمريكيون، بل القنصل الأمريكي.» «ولكن ...» «كما تعلم، فإن القنصل الأمريكي ليس أمريكيا فحسب، بل يهودي صهيوني أيضا.»
Halaman tidak diketahui