قال جمال الدين باشا مقاطعا طلب السنجق بك أخيرا: «كما تعلم، فقد طلبنا سابقا بعض القوات لتسهيل جمع الضرائب في بلاد الشام وأجزاء من البوسنة، ولكنك سوف تتفهم بالطبع أن قواتنا محدودة على نحو لا يمكننا من اتباع تلك السياسة في كل مرة.» «بالطبع.»
تابع الصدر الأعظم قائلا وهو يهذب أطراف شاربه: «في عالم مثالي، نود لو نتمكن من تقديم العون في كل مأزق يعرض علينا ، ونود لو نتمكن من إرسال المساعدة حيثما تكون مطلوبة، ولكن كما تعلم لسنا في عالم مثالي.» «نعم، على العكس.»
توقف جمال الدين باشا لحظات كي يدون بضع كلمات في مفكرته. «آمل ألا تفسر عدم استجابتنا بأنه تجاهل.» «على الإطلاق.» «لا يعني ذلك أننا لا نهتم بالأحداث الأخيرة في نوفي بازار أو بجمع الضرائب، بل على العكس، فإننا نهتم بكليهما، وإذا توافرت الظروف المثالية فلا شك أننا سوف نرسل القوات التي طلبتها في الحال، ولكن في ضوء الموارد المحدودة علينا أن نرتب الأولويات.»
قال السنجق بك: «بالطبع، شكرا يا جمال الدين باشا للسماح لي بالتعبير عن مشاكلي.» «على الرحب والسعة.»
فتابع السنجق بك وهو ينحني بشدة للسلطان: «وشكرا لك يا فخامة السلطان. يشرفني أن تعطفتم ووافقتم على مقابلة شخصي المتواضع.»
فأجاب السلطان: «إنني حريص دائما على تحسين أحوال رعاياي، وخاصة أولئك الذين في الأقاليم النائية.» «نعم يا فخامة السلطان. يمكنكم أن تثقوا تماما في أن مواطني نوفي بازار يتقدمون بخطى سريعة.»
فقال السلطان: «يسعدني سماع ذلك، ورجاء أن تعذرنا لمقاطعة مقابلتك.»
وهنا قاد أحد حراس القصر سنجق بك نوفي بازار، خارج غرفة المقابلات وأغلق الباب خلفه.
عدل السلطان جلسته على الأريكة قبل أن يلتفت إلى الصدر الأعظم. «أخبرني، ما الأعمال الأخرى التي علينا القيام بها قبل تناول الغداء؟» «لقد تسلمنا خطابا آخر من فون سيمنز.»
فأطلق عبد الحميد نفخة من أنفه وأغمض عينيه. لم يكن من مركزه التعامل باستمرار مع هؤلاء المصرفيين وأصحاب المصانع، ولكنه يدرك أن سكك حديد بغداد لا يمكن أن تبنى دون مساندتهم. «وكيف تقترح أن نجيب عليه؟» «أقترح أن ندعوه إلى القصر، ويمكنكم الحديث معه بإيجاز في الأمور العامة، وتترك التفاصيل لرؤساء الخزانة وإدارة الدين العام.»
Halaman tidak diketahui