Carl Buber: Seratus Tahun Pencerahan
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Genre-genre
تقوم هذه الطريقة على فكرة بسطها بوبر في غير موضع، مفادها أن كل قانون من القوانين الطبيعية (والاجتماعية) يمكن وضعه في عبارة مؤداها أن أمورا معينة لا يمكن أن تحدث! أي في عبارة تشبه في صورتها المثل القائل «لا يمكنك أن تحمل الماء في مصفاة». فقانون بقاء الطاقة مثلا يمكن وضعه في الصيغة الآتية: «لا يمكنك أن تبني آلة دائمة الحركة»، وقانون الإنتروبي
Entropy
يمكن التعبير عنه كالآتي: «لا يمكنك أن تبني آلة كفايتها مائة في المائة». ومن شأن هذه الطريقة في صياغة القوانين الطبيعية أن تبرز المتضمنات التكنولوجية لهذه القوانين. ويمكننا بشيء من التبسط أن نقول إنها «تقلب القانون لتكشف وجهه التطبيقي!»
وإذا كنا بصدد بحث شروط التقدم، فإن ذلك يقتضينا أن نسأل: كيف نستطيع وقف التقدم العلمي والصناعي؟ والجواب: بإغلاق معامل البحوث العلمية أو التحكم فيها، وبإغلاق الجامعات وغيرها من دور العلم، وبوقف آلات الطباعة ومنع الكتب والكتابة، وأخيرا بتحريم الكلام. كل هذه الأشياء التي يمكن بالفعل قمعها (أو السيطرة عليها) هي مؤسسات اجتماعية . فاللغة مؤسسة (نظام) اجتماعية يستحيل تصور التقدم العلمي بدونها، إذ لا وجود للعلم بدونها، وبدونها لا تتقدم التقاليد ولا تنمو. والكتابة مؤسسة اجتماعية، وكذلك كل المنظمات الخاصة بالطباعة والنشر وسائر المؤسسات التي يتخذها المنهج العلمي أدوات له. وللمنهج العلمي نفسه جانب اجتماعي. فالعلم، والتقدم العلمي بنوع خاص، لا ينتجان عن الجهود المنعزلة بعضها عن بعض، بل ينتجان عن حرية التنافس الفكري. ذلك أن العلم محتاج إلى التنافس المتزايد بين الفرضيات، ومحتاج إلى الدقة المتزايدة في الاختبارات. وتحتاج الفرضيات المتنافسة إلى من يمثلها أو ينوب عنها من الأشخاص، إن صح التعبير، أي أنها تحتاج إلى محامين ومحلفين، بل تحتاج إلى جمهور. وهذا التمثيل الشخصي لا يقوم بوظيفته إلا إذا اتخذ صورة المؤسسات. وهذه المؤسسات لا بد من إمدادها بالمال، ولا بد من حمايتها بالقانون. ويعتمد التقدم، في نهاية الأمر، على العوامل السياسية إلى حد بعيد، أي أنه يعتمد على المؤسسات السياسية التي تحمي حرية الفكر: يعتمد على الديمقراطية.
50
ويهمنا أن نلاحظ أن «الموضوعية العلمية» صفة تعتمد إلى حد ما على المؤسسات الاجتماعية، فالقول الساذج بأن الموضوعية العلمية وليدة موقف ذهني أو سيكولوجي لدى الفرد من العلماء، وأنها تعتمد على ما حصله من تجربة وما اكتسبه من تعود على الحيطة وتجنب التحيز، هذا القول من شأنه أن يستثير الرأي المعارض الذي يذهب إلى التشكيك في قدرة العلماء على اتخاذ موقف موضوعي. يقول أصحاب هذا الرأي الأخير إن افتقار العلماء إلى الموضوعية قد لا يكون له تأثير يذكر في العلوم الطبيعية حيث لا يوجد ما يثير انفعالهم، أما في العلوم الاجتماعية التي لا تنجو أبحاثها من الأهواء الاجتماعية والتحيز الطبقي والمصالح الشخصية فقد يكون لهذا الافتقار إلى الموضوعية أثر فتاك. وهذا الرأي الذي ظهر بصورة مفصلة فيما يسمى «النظرية الاجتماعية في المعرفة»، يغفل تماما عما للمعرفة العلمية من طابع اجتماعي أو مؤسساتي؛ لأنه يرتكز على القول الساذج بأن الموضوعية معتمدة على سيكولوجية الأفراد من العلماء. وهو لا يرى أن جفاف موضوع البحث في العلوم الطبيعية أو بعده عن الأمور الشخصية لا يمنعان التحزب والمصلحة الذاتية من التسلل إلى معتقدات العالم، والحق أننا لو اعتمدنا كل الاعتماد على نزاهة العالم عن الهوى، لاستحال العلم تماما، بما في ذلك علم الطبيعة.
إن ما غفلت عنه «النظرية الاجتماعية في المعرفة» هو عين الصفة الاجتماعية للمعرفة، أعني ما للعلم من طابع اجتماعي أو عام: إذ إنها أهملت قيام العلم على قدرة الأفراد على اختباره، واستخدامها المؤسسات في نشر الأفكار الجديدة ومناقشتها، وهذان الأمران هما اللذان يصونان الموضوعية العلمية، وهما أيضا اللذان يفرضان على ذهن العالم نوعا من النظام يلتزم به.»
51
تذييل
مجتمع بوبر المفتوح وما يحمله للانفتاح الصيني «لعب مذهب بوبر التكذيبي دورا بارزا ومحررا في المرحلة المبكرة من انفتاح الصين. ولعل الوقت قد أذن لتطبيق مجتمعه المفتوح.
Halaman tidak diketahui