Carl Buber: Seratus Tahun Pencerahan
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Genre-genre
رن زنج كيو
لو أن هناك شيئا من قبيل الاشتراكية المقترنة بالحرية الفردية، لوددت أن أكون اشتراكيا؛ إذ ليس أجمل من أن يعيش المرء حياة متواضعة بسيطة في مجتمع مساواة. غير أني أنفقت زمنا قبل أن أدرك أن هذا لا يعدو أن يكون حلما جميلا، وأن الحرية أهم من المساواة، وأن محاولة تحقيق المساواة من شأنها أن تهدد الحرية، وأن الحرية إذا فقدت فلن يتمتع فاقدوها حتى بالمساواة.
كارل بوبر
ترتكز فلسفة بوبر السياسية، شأنه شأن معظم فلاسفة السياسة الكبار منذ أفلاطون إلى ماركس، على فلسفته الإبستمولوجية. إنه يعتبر الحياة عملية متصلة من حل المشكلات، ومن ثم فقد كانت بغيته السياسية هي ذلك المجتمع الذي يتصف بأنه موصل جيد لعملية حل المشكلات. وحيث إن حل المشكلات يستلزم الطرح الجريء للحلول المقترحة التي توضع عندئذ على محك الاختبار النقدي لاستبعاد الحلول الفاشلة ونبذ الأخطاء، فإن أصلح المجتمعات هو ذلك الذي يسمح بالاختلاف ويصغي إلى شتى الآراء، ويتبع ذلك بعملية نقدية تفضي إلى إمكان حقيقي للتغيير في ضوء النقد. إن مجتمعا يتم تنظيمه وفقا لهذه التوجهات سيكون أقدر من غيره على حل مشكلاته، ويكون من ثم أكثر نجاحا في تحقيق أهداف مواطنيه مما لو نظم وفقا لتوجهات أخرى. أما الفكرة الرائجة التي تقول بأن أكثر المجتمعات كفاءة، من الوجهة النظرية على الأقل، هو ذلك الذي يتخذ شكلا ما من الديكتاتورية، فهي فكرة خاطئة فادحة الخطأ. إن الدول التي حققت أعلى مستويات المعيشة لأفرادها هي جميعا ديمقراطيات ليبرالية. لم تنم هذه الحقيقة من أن الديمقراطية ترف تمكنت هذه الدول من تقديمه بفضل ثرائها. بل العكس هو الصحيح، والصلة السببية هي في الاتجاه المضاد. لقد كانت أغلبية هذه الشعوب تعيش الفقر يوم انتزعت حق الاقتراع العام، وقد أسهمت الديمقراطية بدور أساسي في رفع مستوى معيشتهم؛ فالمجتمع الذي يمتلك نظما (مؤسسات) حرة هو جدير من الوجهة العملية أن يكون أكثر نجاحا في مراميه المادية وغير المادية من المجتمع الذي لا يمتلك هذه النظم.
1
تنطوي جميع السياسات الحكومية، بل جميع القرارات التنفيذية والإدارية، على تنبؤات إمبيريقية: «إذا فعلنا س لترتب على ذلك ص، ومن الجهة الأخرى إذا أردنا تحقيق ب لتوجب علينا أن نفعل أ.» مثل هذه التنبؤات، كما يعلم الجميع، كثيرا ما يتكشف خطؤها. ومن الطبيعي أن نضطر إلى تعديلها كلما مضينا في تطبيقها؛ فكل إجراء سياسي هو «فرضية»
Hypothesis
يجب اختبارها اختبار الواقع وتصويبها في ضوء الخبرة. ومن الحق أن تلمس الأخطاء والمخاطر الكامنة بالفحص النقدي المسبق هو إجراء أكثر عقلانية وأقل إهدارا للموارد والجهد والوقت من الانتظار حتى تسفر الأخطاء عن وجهها في التطبيق. «ومن الحق أيضا أن بعض الأخطاء لا يتضح إلا بالاختبار النقدي للنتائج العملية للسياسات كشيء متميز عن السياسات نفسها. ذلك أن من واجبنا في هذا الصدد أن نواجه حقيقة أن أي فعل نتخذه تكون له في الأرجح عواقب غير مقصودة؛ عواقب لم تكن في الحسبان. وهي حقيقة تحمل، على بساطتها، متضمنات شديدة الأهمية في مجال السياسة والإدارة وكل شكل من أشكال التخطيط.» وبميسورنا أن نقدم أمثلة كثيرة لهذا المبدأ. من ذلك أنني إذا ذهبت إلى السوق لأشتري منزلا فإن مجرد ظهوري في السوق كمشتر سيعمل على رفع السعر. فهذه نتيجة مباشرة لفعلي غير أن أحدا لا يمكن أن يدعي أنها نتيجة مقصودة. وإذا ذهبت لأستصدر وثيقة تأمين لكي أرفع رهنا، فإن ذلك سيعمل على رفع أسهم شركة التأمين. غير أن هذه النتيجة المباشرة لفعلي لا تتصل من قريب أو بعيد بمقاصدي ونياتي.
2
هكذا تجري الأمور كل لحظة بما لم يكن بتخطيط أحد أو مشيئته. وهذه حقيقة واقعة لا مهرب منها وعلينا أن نحسب حسابها في كل قرار نصنعه وفي كل بناء تنظيمي نؤسسه، وإلا كان إغفالنا لها مصدرا دائما للخلط والتشويه. وهي تؤكد مرة ثانية ضرورة التيقظ النقدي الدائم في إدارة السياسات، والسماح بتصويبها عن طريق استبعاد الخطأ بصفة مستمرة. من ذلك يتضح أن الأنظمة الكارهة للنقد تخطئ خطأ مضاعفا: الأول حين تحظر الفحص النقدي المسبق لسياساتها فتقع في أخطاء فادحة لا تكتشفها إلا لاحقا، والثاني حين تحظر الفحص النقدي للتطبيقات العملية لسياساتها، فتمضي في العمل بها وتواصل ارتكاب الأخطاء زمنا يطول أو يقصر بعد أن تكون الأخطاء قد جرت عواقب وبيلة لم تكن بالحسبان. هذا التوجه الذي يسم الأنظمة الشمولية هو توجه غير عقلاني، ومآله بالنسبة للأنظمة المتصلبة هو أن تبيد مع نظرياتها الزائفة، وبالنسبة للأنظمة الأقل تصلبا أن تحرز تقدما معطوبا ومكلفا وتمضي بخطى متعثرة بطيئة. (1) ضرورة التقنية السياسية
Halaman tidak diketahui