54

Carais Bayan

عرائس البيان في حقائق القرآن

Genre-genre

بكأس المنة ، وطابت بوجهه ، وطارت في ملكوته ، وعشقت بجمال جبروته ، فاكتسبت سناء المحبة ، واستنارت بنور المعرفة ، وخاضت في بحر الربوبية ، وخرجت منها على أسرار الوحدانية ، وتلونت بصبغ الصفات ، وانصبغت بصبغ نور الذات ، فهذه حقيقة صبغ الله تعالى الذي ذكر في كتابه ؛ ولذلك قال : ( ولقد كرمنا بني آدم ) (1).

( قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون (139) أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون (140) تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون (141) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (142) وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم (143) قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون (144))

قوله تعالى : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب ): صرفهم بمكر القدم في رؤية حيل الفعل ؛ مقرونة بالإرادة عن مشاهدة الأمر في الأمر ، وانقيادهم بحظ التسليم عند كون الامتحان ؛ حتى تظهر أسباب علم القدم ، وما سبق من علمه في تماديهم بنعت الكفر في ميادين الضلال.

وقيل : بين الخطاب على مقادير العقول ، ألا ترى كيف بين علته في آخر الآية ( وما أنت بتابع قبلتهم )، إحكاما منه في صنعه ، وما جرى من ضبطه.

( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) أي : قد نرى تقلب عين سرك في سماء الهوية ؛

Halaman 64